محصله: ان الامر يتوقف على ثبوت متعلقه، وقصد الامر يتوقف على ثبوت الامر، فأخذه في متعلق الامر يستلزم فرض توقف الامر عليه، وقد عرفت توقفه على الامر. وهذا هو الدور أو الخلف وهو محال.
والجواب عنه واضح، وقد أشار إليه في الكفاية، وبيانه: ان الامر لا يتوقف على وجود متعلقه خارجا، بل يتوقف على وجوده ذهنا وتصورا، فيتعلق به ويبعث الامر بعد تصوره. وداعي الامر انما يتوقف على الامر بوجوده الخارجي لا التصوري، إذ يمكن تصور داعي الامر ولو لم يكن أمر أصلا. وعليه فالذي يتوقف عليه الامر هو قصد الامر بوجوده التصوري وهو لا يتوقف على الامر، بل الذي يتوقف على الامر هو قصد الامر بوجوده الخارجي وهو لا يتصور عليه الامر فلا دور، إذ الموقوف عليه الامر غير الموقوف على الامر.
الثاني: استلزامه الدور بلحاظ مقام الامتثال، وذلك لان الامر يتوقف على القدرة على متعلقه، إذ لا يصح الامر مع عدم القدرة، مع أن القدرة على قصد الامر تتوقف على الامر، إذ لا يتحقق قصد الامر بدون الامر.
وأجيب عن ذلك: بان القدرة المصححة للامر انما هي القدرة على المتعلق في ظرف الامتثال لا في ظرف الامر.
وتوضيح النظر في الجواب يتوقف على بيان المقصود من شرطية القدرة.
فنقول: ان الشرط قد يطلق ويراد به معناه الفلسفي، وما هو المصطلح به عليه عند أهل ذلك الفن، وهو جزء العلة التامة وما يكون دخيلا في وجود المشروط. وقد يطلق ويراد به معنى غير ذلك، بل ما يكون مصححا لايجاد الفعل ورافعا للغويته وموجبا لكونه من الأفعال العقلائية وان أمكن وجود الفعل بحسب ذاته بدونه، وذلك نظير ما يقال شرط اعتبار الملكية ترتب الأثر عليها، فان ترتب الأثر ليس دخيلا في وجود الملكية، بل هو مصحح لايجادها من قبل