منتقى الأصول - تقرير بحث الروحاني ، للحكيم - ج ١ - الصفحة ٤٠٣
اما مقام الاثبات (1): فما ذكره (قدس سره) من أن العقل يحكم بلزوم الإطاعة بمجرد انشاء الصيغة. بدعوى (2) جزافية، فإنك خبير بأنه بعد ادراك العقل ان إنشاء الطلب يمكن أن يكون عن إرادة حتمية، كما يمكن أن يكون عن إرادة غير حتمية، وان المنشأ عن إرادة غير حتمية لا يلزم امتثاله بعد ادراكه هذا المعنى، كيف يحكم بلزوم الامتثال بمجرد الانشاء ما لم يدع ظهور الصيغة في كون الانشاء عن إرادة حتمية، وهو خلاف المفروض؟!.
وإذن هل يجد الانسان في نفسه ذلك؟ ذلك ما لا نستطيع الجزم به بل يمكن الجزم بخلافه. وإذا ظهر وجود الاختلاف بين الوجوب والاستحباب ثبوتا وعدم تعين أحدهما في نفسه إثباتا، لا بد من بيان ان أيهما الذي يظهر فيه اللفظ بوضع أو اطلاق، كي يحمل عليه اللفظ إذا ورد بلا قرينة معينة للاخر ومن هنا يتضح ان تحرير الكلام بنحو ما حرره صاحب الكفاية لازم.
وقد ادعى صاحب الكفاية تبادر الوجوب من اللفظ بلا قرينة. وقد عرفت أن التبادر علامة الحقيقة. وأيد دعواه بعدم صحة اعتذار العبد عن مخالفة الامر باحتمال إرادة الندب وعدم القرينة الحالية والمقالية عليه ثم أشار إلى بعض الايرادات ودفعها.
كالايراد بكثرة الاستعمال في الندب في الكتاب مما يجب نقله إليه أو حمله .

(1) التعرض إلى مقام الاثبات بعد بيان الفرق الثبوتي إنما هو لاجل بيان بطلان ما ذكره المحقق النائيني، لأنه مع تماميته يلغو النزاع في ظهور الصيغة ووضعها وان ثبت الفرق ثبوتا لعدم الأثر عليه. فتدبر. (منه عفي عنه).
(2) هذا ما ذكرناه سابقا. لكن نقول. فعلا: انه لا بد من القول بمقالة النائيني، لتوقف ما التزم به من تقديم النص أو الأظهر على الظاهر - كتقديم دليل جواز الترك أو الفعل على الدليل الظاهر في الوجوب أو التحريم - على الالتزام بهذه المقالة، إذ على المبني المشهور تكون دلالة الظاهر على المدلول قطعية كدلالة النص أو الأظهر، فلا وجه لتقديم أحدهما على الاخر. وقد أوضحنا ذلك في بعض مباحث التعادل والترجيح فراجع تعرف
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»
الفهرست