وعليه، فليس هناك نحوان من الطلب ثبوتا كي يتنازع في كون أيهما الموضوع له دون الاخر. وبيان ما افاده - كما جاء في تقريرات بحثه للسيد الخوئي -: إن بناء المتقدمين كان على كون كل من الوجوب والاستحباب معنى مركبا، فالوجوب هو طلب الفعل مع المنع من الترك، والاستحباب هو طلب الفعل مع الترخيص في الترك. وقد رفض المتأخرون هذا القول وذهبوا إلى أنهما أمران بسيطان وهما مرتبتان من الطلب، فمرتبة منه ضعيفة يعبر عنها بالاستحباب ومرتبة شديدة يقال عنها الوجوب، والمنع من الترك والاذن فيه من لوازم شدة الطلب وضعفه لا دخيلان في حقيقة الوجوب والاستحباب، وهذا المعنى أمر عرفي ظاهر لا يقبل الانكار.
ولكنه (قدس سره) لم يرتض هذا المعنى ذاهبا إلى: ان الطلب غير قابل للشدة والضعف، وان المستعمل فيه في كلا الحالين، سواء كان الفعل ضروري الوجود أو غير ضرورية، ليس إلا النسبة الايقاعية بمعنى ايقاع المادة على المخاطب من دون أن يكون شدة وضعف في المستعمل فيه، ولا يجد الآمر اختلافا في المستعمل فيه في نفسه.
واما الطلب القائم بالنفس المتعلق بالأفعال التكوينية، فهي غير قابل للشدة والضعف أيضا، لأنه - كما عرفت - عين الاختيار، وهو واحد في كل الحالات.
واما الإرادة فهي وان كانت في نفسها قابلة للشدة والضعف، لكن الإرادة فيما نحن فيه هي الشوق المستتبع لتحريك العضلات، وغيره لا يكون إرادة، وذلك غير قابل للشدة والضعف.
وبذلك يتبين ان الوجوب والاستحباب ليسا من كيفيات المستعمل فيه حتى يدعى ظهور أو انصراف صيغة في أحدهما، بل المستعمل فيه واحد، وهو النسبة الايقاعية، والاختلاف من حيث المبادئ، فان ايقاع المادة على المخاطب