الخلط بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية.
واما من حيث المنتهى، فلان الامر ينشأ بداعي البعث والتحريك نحو الفعل، فيمكن أن يكون المقصود تارة: هو البعث المسمى اللزومي، وأخرى:
البعث والتحريك غير الحتمي. ونظيره في البعث التكويني دفع الشخص غيره بقوة وشدة، ودفعه دفعا خفيفا غير شديد، وعلى كل فاعتبار البعث والتحريك بنحويه الحتمي وغير الحتمي متصور وليس فيه اشكال وريب، فالفرق من حيث المنتهى ثابت أيضا، كما لا يخفى.
وإذا ثبت الاختلاف ثبوتا من حيث المبدأ والمنتهى، أمكن دعوى رجوع اختلاف الوجوب والاستحباب إلى الاختلاف في المدلول اللفظي، بان يقال: ان الوجوب هو الطلب الناشئ عن الإرادة الحتمية الأكيدة. والاستحباب هو الطلب الناشئ عن الإرادة غير الحتمية، وان اللفظ موضوع للنسبة الطلبية التي يكون انشاؤها عن إرادة حتمية أو عن مطلق الإرادة.
وبالجملة، يمكن دعوى اختلاف الوجوب والاستحباب وضعا، وان الصيغة التي يراد بها الوجوب تستعمل في غير ما تستعمل فيه لو أريد بها الندب، وبكلمة مختصرة: انه بعد فرض وجود نسبتين: إحداهما: طرفها الشوق الأكيد.
والأخرى: طرفها الشوق الضعيف. فيمكن أن يقع النزاع في أن الموضوع له هذه النسبة أو تلك النسبة أو الجامع؟.
واما ما عن المحقق العراقي من تصوير النزاع بملاحظة الاختلاف في مرتبة الشوق، فيقع الكلام في إرادة أي المرتبين (1).
ففيه: ان الكلام ليس مسوقا لبيان الشوق كي يتنازع في مدلوله من مراتب الشوق. هذا بلحاظ مقام الثبوت.
.