أو غير معقول. ثم يقع الكلام إثباتا بعد ذلك.
والانصاف انه غير معقول ثبوتا، فان الداعي بحسب ما يصطلح عليه هو العلة الغائية، بمعنى ما يكون في تصوره سابقا على الشئ وفي وجوده الخارجي مترتبا على الشئ متأخرا عنه. فيقال: (أكل) بداعي تحصيل الشبع، فان الشبع تصورا سابق على الأكل، وبلحاظ ترتبه على الأكل ينبعث الشخص إلى الأكل، ولكنه وجودا يترتب على الأكل ويتأخر عنه.
وعليه، فصلاحية الأمور المذكورة من تمن وترج وتعجيز وتهديد وامتحان وسخرية لان تكون داعيا للانشاء في الموارد المختلفة يصح في فرض ترتب هذه الأمور على الانشاء وجودا وأسبقيتها عليه تصورا. وليس الامر فيها كذلك، فان..
منها: ما يترتب على صورة الامر ولو لم يكن استعمال أصلا كالامتحان في مقام الإطاعة، لان الاختبار يتحقق بذكر ما صورته أمر ولو كان مجرد لفظ ولقلقة لسان، إذ الانبعاث نحو الفعل يحصل بوجود ما يتخيل المنبعث كونه أمرا حقيقة، فيعلم بذكر الصيغة ولو لم يقصد بها أي معنى انه في مقام الإطاعة أو العصيان.
ومنها: ما يترتب على الامر حقيقة وبداعي البعث والتحريك، كالامتحان في المأمور به واختباره في مقدار معرفته في أداء المأمور به، فان المأمور به مراد واقعا كامتحان الطفل بأمره بالكتابة أو القراءة.
منها: ما يكون في تحققه وترتبه أجنبي بالمرة عن الامر حقيقة وصورة، كالتهديد والتمني والترجي ونحوها، فان هذه الأمور تحصل بأسبابها الخاصة ولا تترتب على الامر، كما لا يخفى.
نعم في ما كان الداعي السخرية والاستهزاء، أمكن أن يدعى ترتب الاستهزاء على استعمال الصيغة في معناها لا بداعي الجد والواقع، فيصلح الاستهزاء للداعوية لو لم نقل بأنه - أعني الاستهزاء - يتحقق بمجرد الانشاء صورة ولو لم يكن استعمال، فان إنشاء الامر صورة بلا قصد أي معنى من المعاني،