وجوده الاعتباري بل هو الذي يكون موضوعا للاعتبار، فان من المسلم انه يتحقق بقول البائع: (بعت أو ملكت) تمليك انشائي غير التمليك الاعتباري، وهو يسند إلى نفس الشخص، فيقال: ملكه انشاء ونحوه.
وعليه، فيمكن ان يدعى كون اللفظ موضوعا بإزائه، وهو - أيضا - بلحاظ ترتبه على الانشاء مسبب وبلحاظ ترتب الاعتبار عليه سبب، والى اختلاف اللحاظ يرجع الاختلاف في الوضع للسبب والمسبب لا إلى اختلاف واقع الموضوع له وحقيقته، ولا يرد على الالتزام بذلك أي محذور مما تقدم، فإنه قابل للانشاء ومن فعل الشخص نفسه، ولذلك يسند إليه، فيمكن الوضع له.
وبالجملة: الموضوع له هو المعنى الانشائي، فلفظ البيع موضوع للتمليك الانشائي لا للعقد ولا للتمليك الاعتباري، وهو قابل للاتصاف بالصحة والفساد، إذ قد لا يترتب عليه الأثر العقلائي، فللنزاع مجال حينئذ على كلا القولين أيضا.
وبما ذكرنا ينحل الاشكال ويتجه الالتزام بالوضع للسبب وللمسبب بالمعنى الذي ذكرناه أخيرا لهما، ولا نعرف وجها آخر لحل الاشكال ولا طريقا يلتزم به بلا ورود محذور.
هذا بناء على تفسير الانشاء بما عرفت. واما بناء على تفسيره بالاعتبار الشخصي القائم بالنفس وابرازه باللفظ، وانه متقوم بهذين الامرين: الاعتبار النفساني، والمبرز. وانه ليس هناك شئ آخر وراء هذين الامرين، فلا يبقى موضوع للاشكال وحله، إذ لا سبب ولا مسبب في البين، إذ ليس هناك الا ما عرفت من الاعتبار النفساني واللفظ المبرز، فليس أحدهما سببا للاخر، إذ وظيفة اللفظ ليس إلا الابراز والكشف، والاعتبار حاصل بأسبابه التكوينية لأنه فعل الشخص ولا يترتب على اللفظ، فلا يكون مسببا عنه ولا اللفظ سببا له، فلا مجال بعد هذا لدعوى كون الموضوع له هو السبب أو المسبب.