واما الأسباب، فحيث انها تقبل الاتصاف بالصحة والفساد، لان لها وجودين أحدهما يترتب عليه الأثر كالعقد التام الصادر ممن له أهلية الانشاء شرعا. والاخر لا يترتب عليه الأثر كالعقد التام الصادر من غير من له أهلية الانشاء شرعا كالصبي، فان العقد في كليهما واحد وهو له شأن التسبيب لايجاد المعنى، الا انه فعلي التسبيب في صورة ويترتب عليه الأثر، وليس بفعلي التسبيب ولا يترتب عليه الأثر في صورة أخرى، وبذلك يقال: هذا العقد صحيح وذاك فاسد.
كان للنزاع فيه مجال، إذ يمكن ان يقال: بان اللفظ موضوع لخصوص العقد المؤثر أو للأعم منه ومن غير المؤثر كما لا يخفى. لكن قد يقال: إن امكان جريان النزاع ثبوتا لا يصحح فعلية جريانه وتحققه إثباتا، إذ ذلك يتوقف على فرض ترتب ثمرة عملية على النزاع، والا لما تحقق، لصيرورته لغوا، والثمرة العملية منتفية - برأي صاحب الكفاية (1) - في المعاملات، لأنه يرى امكان التمسك بالاطلاق حتى على الصحيح، فلا ثمرة. ففرض النزاع بمجرد القول بالوضع للأسباب ليس بوجيه بعد أن بنى على عدم الثمرة، لان القول بالوضع للأسباب انما يوجب قابلية المورد للنزاع، اما فعلية النزاع فيه فهي تتوقف على ترتب ثمرة عملية عليه.
ويدفع: بان ما ذكر انما يتجه لو كان التمسك بالاطلاق في المعاملات على الصحيح من الأمور البديهية المسلمة التي لا تقبل المناقشة والخلاف، اما لو كان من الأمور النظرية المبتنية على بعض المقدمات التي يمكن ان يقع فيها الخلاف والمناقشة - كما هو الحال فيما نحن فيه، إذ لم يؤخذ امكان التمسك بالاطلاق بنحو مسلم لا جدال فيه ولا مراء، بل كان موضع المناقشة والرد والبدل -، فلا يتجه ما .