جدا عن ظاهر العبارة كما لا يخفى. مضافا إلى أنه لا يتلاءم مع ما ذكره بعد ذلك من رجوع الاختلاف بين الشرع والعرف إلى التخطئة، إذ لا موضوع للتخطئة على هذا التوجيه لفرض تبعية الشارع للعرف وعدم استقلاله في شئ ما.
فالمتعين ان يحمل مراد صاحب الكفاية على أن الموضوع له اللفظ عند الشرع والعرف هو العقد المؤثر بنحو الاقتضاء لا بنحو الفعلية، ويراد من اقتضاء التأثير هو كون العقد تام الجهات بنحو لو التفت إليه العاقل الحكيم رتب عليه الأثر بلا توقف، وذلك هو العقد الصحيح. فقوله: (عرفا وشرعا) لا يرجع إلى تقييد التأثير، بل إلى تقييد الموضوع له، بمعنى ان الموضوع له عند الشرع والعرف هو العقد المؤثر. والوجه في حمل التأثير على التأثير الاقتضائي لا الفعلي هو ظهور ذلك من عمل العقلاء، فان العقلاء حين يمضون المعاملة ويرتبون الأثر عليها، يرون بحسب ارتكازياتهم أنهم يمضون البيع - مثلا - وهذا يقتضي ان البيع موضوع لما له التأثير اقتضاء، إذ لو كان موضوعا لما هو مؤثر فعلا كان صدق البيع مترتبا على تحقق الامضاء منهم واعتبار الأثر بأثر العقد، وهو يتنافى مع ما يرونه من ورود الامضاء على البيع وترتبه عليه وان موضوعه هو البيع وهذا المعنى لعبارة الكفاية ليس ببعيد عن الظاهر، وهو خال عن المحذور السابق كما لا يخفى. وبذلك يتضح جدا رجوع الاختلاف بين الشرع والعرف إلى التخطئة، وذلك لان مرجع اختلاف الشارع مع العرف إلى أن الشارع يرى عدم اقتضاء العقد للتأثير بدون الشرط الذي يعتبره لاطلاعه على دقائق الأمور وتأثيراتها التكوينية. بخلاف العرف فان اطلاعه محدود جدا، فيرى أن للعقد اقتضاء التأثير بدون الشرط، فالشارع باعتباره شرطا يخطئ العرف في نظره الراجع إلى تأثير العقد بدون ذلك الشرط. ولا يرجع الاختلاف إلى الاختلاف في الموضوع له فإنه عندهما واحد وهو العقد المؤثر بنحو الاقتضاء في اثر ما، بل يرجع إلى الاختلاف في تعيين مصداق المؤثر بنحو