وتحقيق المقام الأول: ان الظاهر من العبارة ان الموضوع له اللفظ هو العقد المؤثر عند العرف والشرع، بحيث يكون قوله: (عرفا وشرعا) قيدا للمؤثر.
فيكون التأثير لدى الشرع والعرف معا مقوما للموضوع له.
ولا يمكن الالتزام بهذا الظاهر لوجهين:
الأول: ان المفروض انه ليس للشارع اختراع خاص في باب المعاملات، بل لم يكن منه سوى إمضاء المعاملات العرفية أو الردع عنها، وهذا يعني ان هذه المعاملات كانت ثابتة قبل زمان الشارع، وعليه فلا معنى لان يوضع اللفظ لها في تلك الأزمنة ويكون الموضوع له هو المؤثر عند الشرع والعرف، إذ لا شارع في زمان الوضع ولا يعترف به كي يكون التأثير عنده مقوما للموضوع له.
الثاني: ان الغرض من تعيين الموضوع له في ألفاظ المعاملات هو تنزيل استعمالات الشارع عليه، وهذه النتيجة لا تحصل على هذا البيان للموضوع له، إذ استعمالات الشارع لألفاظ المعاملات بين ما تكون في مقام الامضاء، نظير قوله تعالى: (أحل الله البيع) (1)، وما تكون في مقام الردع والالغاء نظير ما ورد:
(نهى النبي (ص) عن بيع الغرر) (2). ولا يخفى ان البيع إذا كان معناه العقد المؤثر شرعا وعرفا لم يقبل الامضاء ولا الالغاء، إذ لا معنى لامضاء الشارع ما هو مؤثر عند الشارع للغويته، كما لا وجه لالغاء الشارع ما هو مؤثر عنده، لأنه تهافت واضح وتناقض ظاهر.
وإذا تبين ان هذا الظاهر لا يمكن الالتزام به، فلا بد من توجيه الكلام بنحو لا يرد عليه شئ في نفسه ولو احتاج ذلك إلى تكلف وتقدير، ويمكن ان توجه العبارة بان المراد كون الموضوع له هو المؤثر عرفا. والشارع تابع العرف على ذلك، فالتأثير شرعا لم يلحظ قيدا للموضوع له، ولكن هذا التوجيه بعيد .