وبالجملة: لا يظهر لما ذكره صاحب الكفاية محصل.
واما ما قيل: من أن الموضوع له العلم هو النفس المتعلقة بالبدن، وتشخص البدن ووحدته محفوظ بوحدة النفس وتشخصها، إذ المعتبر مع النفس مطلق البدن، بتقريب فلسفي ذكره المحقق الأصفهاني في حاشيته على الكفاية لا داعي إلى ذكره (1).
فهو لو تحقق في محله وبلحاظ القواعد الفلسفية لا يمكننا الالتزام به، لان ذلك المعنى مما لم تدركه افهام بعض الاعلام - كما يقول الأصفهاني - فكيف يلتفت إليه أقل العوام ذهنا، لان وضع الاعلام يصدر من العوام ذهنا، لان وضع الاعلام يصدر من العوام والجهلة. فلا بد ان يلتزم بكون الوضع فيها لمعنى مبهم الا من جهة امتيازه عن سائر المعاني، وهي التشخص الخاص، كما قرره المحقق الأصفهاني في الجامع الصحيحي.
الوجه الرابع: ان الموضوع له ابتداء هو الصحيح التام الواجد لجميع الأجزاء والشرائط، الا ان العرف يتسامحون - كما هو شأنهم - فيطلقون اللفظ على الفاقد تنزيلا له منزلة الواجد، بل يمكن ان يدعى صيرورة اللفظ حقيقة فيه بالاستعمال دفعة أو دفعات للانس الحاصل من جهة المشابهة في الصورة أو المشاركة في الأثر، نظير أسامي المعاجين الموضوعة ابتداء لمركبات خاصة بحدود معينة، فإنه يصح اطلاقها على فاقد بعض الاجزاء أو حقيقة للمشابهة أو المشاركة.
وقد ناقش صاحب الكفاية بمثل ما أوردنا به على اختيار المحقق النائيني في التزامه بالوضع للمرتبة العليا، وحاصله: وجود الفرق بين المقيس والمقيس عليه، فان الصحيح التام في أسماء المعاجين معلوم الحد والمقدار، فيمكن الوضع بإزائه واستعمال اللفظ في الفاقد منه بلحاظه. وليس الصحيح في العبادات معلوم .