والحقيقي لا يكون الا إذا كان له ما بإزاء في الخارج أو له منشأ اسراع له ما بإزاء وهو غير متحقق فيما نحن فيه. والذهني علته التصور لا اللفظ وهو سار في جميع الاستعمالات دون خصوص الاستعمال الانشائي.
بل قد عرفت أنه يريد من نحو الوجود الحاصل للمعنى بالانشاء نحو وجود اعتباري، فلا يرد عليه ما ذكر إذ الاعتبار خفيف المؤنة، وتحقق الوجود الاعتباري مما لا ينكره (قدس سره)، كما أنه يظهر بأنه لا وجه لحمل (نفس الامر) على إرادة حد ذات الشئ وان اللفظ وجود للمعنى في جميع النشآت، خصوصا بملاحظة تعرض صاحب الكفاية في كلامه إلى بيان المراد منه وانه اخراج الشئ من مجرد الغرض. فتدبر.
الجهة الثانية: في تحقيق حصة هذا الوجه في نفسه وإن لم يكن مرادا لصاحب الكفاية. والحق انه غير وجيه لوجهين:
الأول: انه لو كان الانشاء هو ايجاد المعنى باللفظ بلحاظ ان وجود اللفظ وجود للمعنى بالعرض، بقيد أن لا يكون الغرض الحكاية عن الخارج أو الذهن، بل الغرض كان في نفس هذا الوجود العرضي للمعنى، لزم ان تكون الجملة الخبرية غير المستعملة بقصد الحكاية، بل بداعي استمرار ارتكاز مدلولها في ذهن المخاطب بتكرارها بلا ان يقصد بها الحكاية، إذ ليس الداعي الا عدم شرود هذا المعنى من ذهن المخاطب، لزم ان تكون مثل هذه الجملة انشاء على هذا القول، مع أنها لا تعد في العرف من الجمل الانشائية كما لا يخفى.
الثاني: ان كون الانشاء هو ايجاد المعنى عرضا بوجود اللفظ يبتني امكانه الثبوتي على ثبوت كون الوضع هو تنزيل اللفظ منزلة المعنى، فيكون اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى، وبذلك يكون وجوده وجودا للمعنى بالعرض، إذ المنزل نحو وجود للمنزل عليه بالعرض والمسامحة، فيمكن تصور أن يكون الانشاء هو هذا النحو من ايجاد المعنى. ولكنك عرفت عدم ثبوت هذا المعنى