اختصاص بالانشائيات.
قلت: الفرق ان المتكلم قد يتعلق غرضه بالحكاية عن النسبة الواقعة في موطنها باللفظ المنزل منزلتها، وقد يتعلق غرضها بايجاد نفس هذه النسبة بايجاد اللفظ المنزل منزلتها، مثلا مفاد: (بعت) اخبارا وانشاء واحد وهي النسبة المتعلقة بالملكية وهيئة (بعت) وجود تنزيلي لهذه النسبة الايجادية القائمة بالمتكلم والمتعلقة بالملكية، فقد يقصد وجود تلك النسبة خارجا بوجودها التنزيلي الجعلي اللفظي فليس وراء قصد الايجاد بالعرض وبالذات أمر آخر وهو الانشاء. وقد يقصد زيادة على ثبوت المعنى تنزيلا الحكاية عن ثبوته في موطنه أيضا وهو الاخبار، وكذلك في صيغة افعل وأشباهها فإنه يقصد بقوله (اضرب) ثبوت البعث الملحوظ نسبة بين المتكلم والمخاطب والمادة فيوجد البعث في الخارج بوجوده الجعلي التنزيلي اللفظي فيترتب عليه إذا كان من اهله وفي محله ما يترتب على البعث الحقيقي الخارجي مثلا. وهذا الفرق بلحاظ المقابلة بين المعاني الخبرية والانشائية، فلا ينتقض باستعمال الألفاظ المفردة في معانيها، فإنها كالانشائيات من حيث عدم النظر فيها الا إلى ثبوتها خارجا ثبوتا لفظيا، غاية الامر انها لا يصح السكوت عليها بخلاف المعاني الانشائية المقابلة للمعاني الخبرية. وهذا أحسن ما يتصور في شرح حقيقة الانشاء. وعليه يحمل ما افاده أستاذنا العلامة لا على أنه نحو وجود آخر في قبال جميع الانحاء المتقدمة فإنه غير متصور. ومما ذكرنا في تحقيق حقيقة الانشاء تعلم ان تقابل الانشاء و الاخبار ليس تقابل مفاد كان التامة ومفاد كان الناقصة، نظرا إلى أن الانشاء اثبات المعنى في نفس الامر والاخبار ثبوت شئ لشئ تقريرا وحكاية. وذلك لان طبع الانشاء كما عرفت لا يزيد على وجود المعنى تنزيلا بوجوده اللفظي وهو قدر جامع بين جميع موارد الاستعمال، فان القائل بعت اخبارا أيضا يوجد معنى اللفظ بوجوده العرضي اللفظي والحكاية غير متقومة بالمستعمل فيه، بل خارجة