معاني الألفاظ المطلقة إما أن يكون شياعا بدليا - كما في باب الأوامر - وإما أن يكون شياعا استغراقيا - كما في أغلب النواهي والأحكام الوضعية - كقوله:
(أحل الله البيع...) (1).
فعلى الأول: يلزم التجوز في إطلاقات باب النواهي وما يكون مثلها في الشياع الاستغراقي.
وعلى الثاني: يلزم ذلك في إطلاقات باب الأوامر ومثلها، ولا جامع بين الشياعين؛ حتى يقال: إن المأخوذ هو الشياع الجامع (2).
وهذا الإشكال لا يرد على مقالتنا في باب الإطلاق؛ لأن المأخوذ في الموضوع ليس إلا نفس الطبيعة، من غير قيد الشياع وغيره وإن كانت الطبيعة شائعة ذاتا.
و [أما] الاختلاف الحاصل في جانب الأوامر والنواهي، فقد ذكرنا منشأه في مبحث النواهي (3). وملخصه: أن مقتضى أخذ الطبيعة في متعلق البعث هو مطلوبية إيجادها في الخارج، وبعد وجودها بوجود فرد ما منها يحصل المطلوب، فيسقط الأمر، وإلا يلزم تحصيل الحاصل.
وأما النهي فلما كانت حقيقته عبارة عن الزجر عن الطبيعة، والطبيعة تتكثر بتكثر الأفراد، فكل ما فرض من الطبيعة يكون الزجر بالنسبة إليه موجودا، ولا يسقط الزجر بعصيان بعض الأفراد، كما فصلناه في ذلك الباب.
وقد ذكرنا (4): أن ما هو المعروف - من أن الأمر أو النهي كما يسقطان