اللفظ المطلق مستعمل في معناه الحقيقي، ولو مع عدم كونه تمام الموضوع، فنحتاج في إثباته إلى مقدمات الإطلاق ودليل الحكمة.
وأما إذا كان التقييد بالقيد المنفصل منافيا لاستعمال بعض الألفاظ المذكورة في الكلام الأول فيما وضع له؛ فيمكن كشف الإطلاق من أصالة الحقيقة من غير احتياج إلى دليل الحكمة، وإحراز كون المتكلم في مقام البيان، كالنكرة الواقعة في سياق النفي؛ فإن حرف النفي وضع لنفي مدخوله ليس إلا، فالخصوصية الزائدة إذا اخذت قيدا للمدخول ينفي حرف النفي المدخول بخصوصيته، واستعمل في معناه الموضوع له.
وأما مع انفصال القيد، وذكر الطبيعة بلا قيد عقيب النفي، فمقتضاه نفي الطبيعة المطلقة المدخولة، فإذا اريد نفي الطبيعة المقيدة من غير ذكر القيد، يكون استعمال حرف النفي في غير ما هو موضوع له. فإذا شك في ذلك، يرجع الشك إلى استعمال حرف النفي في معناه الموضوع له أو غيره، فيجوز التمسك بأصالة الحقيقة؛ والحكم بأن الطبيعة المنفية هي تمام الموضوع للحكم، فلو قيل: " لا رجل في الدار "، وشك في أن مراده مطلق الرجل، أو الرجل العالم، يكفي في كشف الإطلاق نفس أصالة الحقيقة؛ لأن اللام وضعت لنفي مدخولها لا غير، فإن استعملت في ذلك تكون مستعملة في معناها الحقيقي، وإن استعملت واريد منها نفي أمر زائد على المدخول، تكون مستعملة في غير ما هي موضوعة له، فأصالة الحقيقة تكشف عن إطلاق مدخولها من غير احتياج إلى مقدمات الإطلاق.
ولا يبعد أن تكون النواهي الواردة على الطبائع أيضا كذلك، أي لا تحتاج في إثبات إطلاق مدخولاتها إلا إلى أصالة الحقيقة، دون مقدمات الإطلاق، بخلاف الطبائع الواقعة في سياق الإثبات؛ فإن بيان القيد الزائد فيها لا ينافي استعمال