لابد منه في الإطلاق، فطريق إحراز كونه في مقام البيان أن ظهور حال المتكلم في أن كلامه الصادر منه - بما أنه فعل من أفعاله الاختيارية - إنما هو لبيان مراده. فكلامه بما أنه عمل من أعماله، لا بما أنه لفظ دال، يدل دلالة عقلائية على كونه بصدد بيان موضوع حكمه (125).
كما أن بناء العقلاء وديدنهم على التمسك بهذا الظهور الفعلي، فترى أنهم عند فقدان القيد في الكلام يحملونه على الإطلاق؛ أي على كون ما اخذ موضوعا أنه تمام الموضوع. وإذا ورد بعد ذلك قيد، واحرز وحدة الحكم، يقع التعارض بين الإطلاق والتقييد، ويحمل الإطلاق على التقييد؛ لأن منشأ ظهور المطلق في الإطلاق، إنما هو متقوم بأمر عدمي - هو عدم التقييد - ومع وصول القيد ترفع اليد عن ظهور المطلق في الإطلاق، كما أن بناء العقلاء على أصالة الحقيقة، إنما هو عند عدم القرينة، ومعها ترفع [اليد] عنها، وكذا الحال في أصالة العموم عند فقدان المخصص.
وقد يقال: إن ذلك صحيح إذا لم يكن من دأب المتكلم ذكر قيود كلامه - من المخصصات والمقيدات - منفصلة وأما معه فلم يثبت بناء العقلاء على ما ذكر؛ أي الحمل على الإطلاق (2).