الرابعة: أنه لابد من قيام الدليل عليه بحسب مقام الإثبات، وهو مقدمات الحكمة.
أقول: إن كان المراد من الشياع هو سريان الماهية نفسها في أفرادها، فلا إشكال في أنه من ذاتياتها، لا بمعنى دخوله في مفهومها، بل بمعنى أنها شائعة واقعا - أي متحدة مع الأفراد - وليس هذا الشيوع والاتحاد قابلا للافتراق عنها حتى يكون من قبيل الأعراض المفارقة، فالماهية بذاتها متحدة مع الأفراد وسارية فيها، ولا يمكن افتراقها عنها.
وإن كان المراد من الشياع والسريان هو الشياع بحسب موضوعية الماهية للحكم، وأن الماهية إذا كانت موضوعا لحكم فلابد في شيوعها في جميع الأفراد من لحاظ شيوعها وسريانها فيها، وإلا فنفس جعل الماهية موضوعا للحكم لا يوجب سريانه في الأفراد، فلابد في السريان من لحاظه لبا وقيام الدليل عليه إثباتا، فهذا له وجه.
ومن الممكن أن يكون مرادهم ذلك؛ فإن الأول بعيد، لكنه أيضا خلاف التحقيق؛ فإن لحاظ سريان ماهية في الأفراد معنى العموم، لا الإطلاق (121)، ولا يمكن أن تجعل الماهية آلة للحاظ بعض أفرادها في التقييد الذي يقابل الإطلاق، فالإطلاق والتقييد بحسب اللحاظ مما لا أصل لهما، بل الإطلاق والتقييد - على ما يستفاد من موارد استعمالهما في لسان الأصحاب (2) - وصفان لشيء واحد، له سريان ما ولو بلحاظ الحالات؛ باعتبار جعله تمام الموضوع لحكم، أو لا، كالرقبة، فإنها في كفارة اليمين مطلقة، وفي كفارة قتل الخطأ مقيدة بالمؤمنة، وفي كفارة الظهار مختلف فيها، فالرقبة قد تكون مطلقة، وقد