إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم: أن العام المخصص بالمنفصل، أو بمثل الاستثناء من المتصل، لما كان غير معنون بعنوان خاص، بل بكل عنوان غير عنوان الخاص، ويكون جميع الأفراد مشمولة له بعنوان واحد هو عنوان العام، والمخصص إنما يخرج بعض الأفراد من غير حصول قيد في العام، ومن غير تعنونه بعنوان، كان إحراز المشتبه منه بالأصل الموضوعي غالبا ممكنا، وذلك بوجهين:
الوجه الأول في تقرير الأصل: ما أفاد المحقق الخراساني (رحمه الله)، وهو بنحو السالبة الهلية البسيطة كما إذا شك في امرأة أنها قرشية أو غيرها، بعد ورود قوله: " إن المرأة ترى الدم إلى خمسين " (1)، وقد خرجت بالمنفصل أو بنحو الاستثناء المرأة القرشية، فيقال - لأجل إحراز الموضوع -: إن انتساب هذه المرأة إلى قريش لم يكن سابقا، والآن كما كان، فهذه القضية هلية بسيطة سالبة، موضوعها انتساب المرأة إلى قريش، ومحمولها هو الوجود، والنسبة سلبية.
وكون القضية المتيقنة سالبة بسلب الموضوع، والمشكوك فيها سالبة بسلب المحمول، لا يضر بالاستصحاب؛ فإن القضية السالبة بسلب الموضوع أو المحمول لم تكن قضيتين؛ لأن القضايا تنقسم إلى الموجبات والسوالب، ولا ثالث لهما، فالقضية السلبية أعم من السلب الموضوعي أو المحمولي، وهي قضية واحدة.
فتحصل مما ذكرنا: أن أصالة عدم انتساب المرأة إلى قريش تجدي في تنقيح الموضوع، وأنها ممن لا تحيض إلا إلى خمسين.
لا يقال: إن أصالة عدم الانتساب لا تجدي في تنقيح الموضوع إلا بالأصل المثبت؛ لأن ما خرج من العام هي المرأة القرشية، وما بقي هي المرأة الغير القرشية، والأصل بنحو الهلية البسيطة لا يثبت كونها غير قرشية، أو عدم كونها