أحدهما: في اقتضاء كل من الشرطيتين وجوبا مستقلا وعدمه، وهو معنى تداخل الأسباب وعدمه.
ثانيهما: بعد فرض عدم التداخل، هل يجوز امتثال التكليفين في مصداق واحد؟ وهذا معنى تداخل المسببات.
ثم إنه لا ربط بين هذه المسألة والمسألة السابقة بوجه؛ فإن الكلام هناك بعد تسليم المفهوم، وهاهنا غير مربوط به، بل لو فرضنا عدم المفهوم يقع البحث في أن القضية الشرطية - الظاهرة في الحدوث عند الحدوث - إذا تعددت مع وحدة الجزاء، هل تكون ظاهرة في لزوم الإتيان به متعددا، أو تتداخل الأسباب؟ فلا جهة اشتراك بين المسألتين.
هذا، مضافا إلى أن خفاء الأذان والجدران مما لا سببية لهما لوجوب القصر، بل لتحديد البعد الموجب لذلك، فلا يكون خفاء الأذان سببا للقصر، وخفاء الجدران سببا آخر له، بخلاف المسألة السابقة؛ فإن كل شرط سبب مستقل، له سببيته، فما وقع من بعض الأعاظم من ابتناء المسألة على المسألة السابقة (1) مما لا وجه له.
ثم اعلم: أن العلامة الأنصاري أقام البرهان على عدم التداخل: بأن ظاهر القضية هو استقلال علية كل من الشروط للجزاء، وحفظ هذا الظهور يقتضي الحكم بتعدد الجزاء عند تعدد الشرط.
نعم، إطلاق الجزاء يقتضي أيضا أن تتداخل الشروط، لكن ظهور الإطلاق لا يتعارض مع ظهور الشرطية في الاستقلال؛ لأنه معلق على عدم البيان، وظهور الشرطية بيان له (2).