وأما النهي فلما كانت حقيقته الزجر عن الوجود، لا طلب العدم، كان حكمه العقلائي هو دفع الطبيعة والزجر عنها بتمام حقيقتها، فلا يكون - مع الانتهاء في زمان - مطلوب المولى حاصلا، ولا مع الإتيان بفرد من المنهي عنه نهيه ساقطا؛ فإن المعصية لا يعقل أن تكون مسقطة، لا في جانب الأمر ولا النهي (65).
وما اشتهر بينهم: من أن سقوط الأمر قد يكون بالطاعة، وقد يكون بالمعصية (2)، مما لا أساس له، فإن الأمر إذا لم يكن موقتا لا يسقط إلا بموت المكلف، وسقوطه به لا يكون للمعصية، بل لتعذر توجه الأمر إلى الميت.
وإذا كان موقتا فما دام وقته باقيا لا يسقط إلا بالموت - وقد عرفت حاله - وبعد الوقت يسقط لا للمعصية بل لخروج وقته، والموقت لا يعقل بقاؤه بعد وقته كما أنه لا يعقل بعثه قبله، فلا يكون السقوط مستندا إلى المعصية في شيء من الموارد.
فتحصل مما ذكرنا: أن الفرق بين الأمر والنهي - بعد وحدة المتعلق - أن الطبيعة في جانب الأمر لما كانت تمام المتعلق وتمام المطلوب - وهو معنى