طلب الوجود (1).
وفيه: - مضافا إلى ما مر (2) من أن الأمر والطلب شيء واحد - أنه يمكن أن يقال: إن الطلب متعلق بنفس الطبيعة بحسب العرف والمتفاهم من الألفاظ، فتكون نفس المادة المتعلقة لهيئة الأمر في قولنا: " اضرب " و " انصر " متعلقة للطلب حقيقة عند العرف، ويكون البعث والإغراء متوجها إليها، ولا يلزم منه أن تكون الطبيعة - التي هي مقسم للموجود والمعدوم - متعلقة للطلب، حتى لا يدل الأمر على إيجادها خارجا؛ وذلك لأن الطبيعة لا تكون حقيقة مقسما للموجود والمعدوم؛ حتى يكون المعدوم أيضا هو الطبيعة المتصفة بالمعدومية، بل المعدوم ليس بشيء، وهو باطل محض، بل الطبيعة لا تكون طبيعة إلا في ظرف الوجود، وكذلك كل الماهيات والطبائع لاتصدق نفسها على نفسها إلا في ظرف الوجود، فلا يكون المعدوم بما أنه معدوم مبعوثا إليه، فالطلب إنما يتعلق بالطبيعة نفسها عرفا، لكن تحصيل الطبيعة وإطاعة أمر المولى لا يمكن إلا بإيجادها خارجا، لا بأن يكون الطلب متعلقا بالوجود، بل بأن يكون متعلقا بنفس الطبيعة، لكن كون الطبيعة طبيعة لا يمكن إلا بالوجود وفي ظرفه، وما ليس بموجود يكون " ليسا " صرفا، لا يصدق عليه ذاته وذاتياته.
وأما قضية أصالة الوجود والماهية فقضية عقلية فلسفية، خارجة عن متفاهم العرف ومداليل الألفاظ، وهي أمر دقيق غير مربوط بهذا الوادي.
وأما ما يقال: من أن الماهية من حيث هي ليست إلا هي (3) فهو مطلب صحيح، لكن معناه أن الماهية من حيث ذاتها لا تكون مصداقا لشيء ولا يحمل