الذاتي، وإن كان الأمر بالمهم غير طارد للأمر بالأهم؛ لمكان الاشتراط.
قلت: كلا؛ فإن رتبة العصيان رتبة غيبة الأمر وعدم تأثيره في تحريك العبد، والأمر وإن كان موجودا، لكنه في موضوعه المتقدم على العصيان، وهو أمر غير ذي أثر في رتبة العصيان، والأمر بالأهم متقدم على الأمر بالمهم برتبتين، ولا يمكن التجافي لا من ناحية الأمر بالأهم المتقدم، ولا من ناحية الأمر بالمهم المتأخر، فلا يعقل أن يكون واحد منهما طاردا لصاحبه.
وقد عرفت: أن ملاك الاستحالة هو المطاردة، وملاكها هو كون الأمرين في رتبة واحدة.
إن قلت: إن كان اختلاف الرتبة مصححا للأمر بالضدين وموجبا لرفع المطاردة، فليجز الأمر بالضدين مع اشتراط أحدهما بإطاعة الآخر؛ فإن ملاك رفع المطاردة - وهو التقدم والتأخر الرتبيان - موجود في ذلك أيضا (1).
قلت: كلا، فإن الفرق بينهما كالنار على المنار؛ فإن الأمر بإيجاد شيء مع اشتراطه بإيجاد ضده في هذا الزمان بعث نحو الضدين وتحريك نحو المتنافيين، وفيه ملاك الأمر بالضدين، بل يكون أسوأ حالا من الأمر بشيئين في مرتبة واحدة؛ يكون كل واحد منهما مقدورا في ذاته، وغير مقدور في رتبة البعث إلى الآخر.
فإن قلت: على هذا لو ترك المكلف الضدين فلابد من الالتزام بعقابين، مع أنه عقاب بأمر غير مقدور؛ لعدم القدرة على إيجادهما (2).
قلت: أي مانع عقلي من الالتزام بعقابين بعد فرض توجه أمرين على نحو الترتب؛ لأن القدرة متحققة، لكن على سبيل الترتب. فالعبد قادر على إتيان