الأصنام. وقال أبو عبيدة: الصنم ما يتخذ من ذهب أو فضة أو نحاس، والوثن ما يتخذ من جص أو حجارة.
وقال الجوهري: الوثن الصنم والجمع أوثان (وتخلقون إفكا) أي وتكذبون كذبا على أن معنى تخلقون تكذبون، ويجوز أن يكون معناه: تعملون وتنحتون: أي تعملونها وتنحتونها للإفك. قال الحسن: معنى تخلقون تنحتون:
أي إنما تعبدون أوثانا وأنتم تصنعونها. قرأ الجمهور " تخلقون " بفتح الفوقية وسكون الخاء وضم اللام مضارع خلق وإفكا بكسر الهمزة وسكون الفاء. وقرأ علي بن أبي طالب وزيد بن علي والسلمي وقتادة بفتح الخاء واللام مشددة، والأصل تتخلقون. وروي عن زيد بن علي أنه قرأ بضم التاء وتشديد اللام مكسورة. وقرأ ابن الزبير وفضيل بن ورقان " أفكا " بفتح الهمزة وكسر الفاء وهو مصدر كالكذب، أو صفة لمصدر محذوف: أي خلقا أفكا (إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا) أي لا يقدرون على أن يرزقوكم شيئا من الرزق (فابتغوا عند الله الرزق) أي اصرفوا رغبتكم في أرزاقكم إلى الله فهو الذي عنده الرزق كله فاسألوه من فضله ووحدوه دون غيره (واشكروا له) أي على نعمائه، فإن الشكر موجب لبقائها وسبب للمزيد عليها، يقال شكرته وشكرت له (إليه ترجعون) بالموت ثم البعث لا إلى غيره (وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم) قيل هذا من قول إبراهيم: أي وإن تكذبوني فقد وقع ذلك لغيري ممن قبلكم، وقيل هو من قول الله سبحانه: أي وإن تكذبوا محمدا فذلك عادة الكفار مع من سلف (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) لقومه أرسل إليهم، وليس عليه هدايتهم، وليس ذلك في وسعه (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده) قرأ الجمهور " أو لم يروا " بالتحتية على الخبر، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم. قال أبو عبيد: كأنه قال: أو لم ير الأمم. وقرأ أبو بكر والأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائي بالفوقية على الخطاب من إبراهيم لقومه، وقيل هو خطاب من الله لقريش.
قرأ الجمهور " كيف يبدئ " بضم التحتية من أبدأ يبدئ. وقرأ الزبيري وعيسى بن عمر وأبو عمرو بفتحها من بدأ يبدأ. وقرأ الزهري " كيف بدأ " والمعنى ألم يروا كيف يخلقهم الله ابتداء نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم ينفخ فيه الروح ثم يخرجه إلى الدنيا ثم يتوفاه بعد ذلك، وكذلك سائر الحيوانات وسائر النباتات، فإذا رأيتم قدرة الله سبحانه على الابتداء والإيجاد فهو القادر على الإعادة، والهمزة لإنكار عدم رؤيتهم، والواو للعطف على مقدر (إن ذلك على الله يسير) لأنه إذا أراد أمرا قال له كن فيكون. ثم أمر سبحانه إبراهيم أن يأمر قومه بالمسير في الأرض ليتفكروا ويعتبروا فقال (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) على كثرتهم واختلاف ألوانهم وطبائعهم وألسنتهم وانظروا إلى مساكن القرون الماضية والأمم الخالية وآثارهم لتعلموا بذلك كمال قدرة الله. وقيل إن المعنى: قل لهم يا محمد سيروا، ومعنى قوله (ثم الله ينشئ النشأة الآخرة) أن الله الذي بدأ النشأة الأولى وخلقها على تلك الكيفية ينشئها نشأة ثانية عند البعث، والجملة عطف على جملة سيروا في الأرض داخلة معها في حيز القول، وجملة (إن الله على كل شئ قدير) تعليل لما قبلها. قرأ الجمهور ب " النشأة " بالقصر وسكون الشين. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالمد وفتح الشين، وهما لغتان كالرأفة والرأفة. وهي منتصبة على المصدرية بحذف الزوائد، والأصل الإنشاءة (يعذب من يشاء ويرحم من يشاء) أي هو سبحانه بعد النشأة الآخرة يعذب من يشاء تعذيبه وهم الكفار والعصاة ويرحم من يشاء رحمته، وهم المؤمنون به المصدقون لرسله العاملون بأوامره ونواهيه (وإليه تقلبون) أي ترجعون وتردون لا إلى غيره (وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء) قال الفراء: ولا من في السماء بمعجزين الله فيها. قال: وهو كما في قول حسان:
فمن يهجو رسول الله منكم * ويمدحه وينصره سواء