لكثرة ماله وولده. وقال قتادة: بغيه بنسبته ما آتاه الله من المال إلى نفسه لعلمه وحيلته. وقيل كان عاملا لفرعون على بني إسرائيل فتعدى عليهم وظلمهم، وقيل كان بغيه بغير ذلك مما لا يناسب معنى الآية (وآتيناه من الكنوز) جمع كنز وهو المال المدخر، قال عطاء: أصاب كنزا من كنوز يوسف، وقيل كان يعمل الكيمياء، و " ما " في قوله (ما إن مفاتحة) موصولة صلتها إن وما في حيزها، ولهذا كسرت. ونقل الأخفش الصغير عن الكوفيين منع جعل المكسورة وما في حيزها صلة الذي، واستقبح ذلك منهم لوروده في الكتاب العزيز في هذا الموضع، والمفاتح جمع مفتح بالكسر وهو ما يفتح به، وقيل المراد بالمفاتح: الخزائن، فيكون واحدها مفتح بفتح الميم.
قال الواحدي: إن المفاتح الخزائن في قول أكثر المفسرين كقوله - وعنده مفاتح الغيب - قال: وهو اختيار الزجاج فإنه قال: الأشبه في التفسير أن مفاتحه خزائن ماله. وقال آخرون: هي جمع مفتاح، وهو ما يفتح به الباب، وهذا قول قتادة ومجاهد (لتنوء بالعصبة أولى القوة) هذه الجملة خبر إن وهي واسمها وخبرها صلة ما الموصولة، يقال ناء بحمله: إذا نهض به مثقلا، ويقال ناء بي الحمل: إذا أثقلني، والمعنى: يثقلهم حمل المفاتح. قال أبو عبيدة: هذا من المقلوب، والمعنى: لتنوء بها العصبة: أي تنهض بها. قال أبو زيد: نؤت بالحمل: إذا نهضت به. قال الشاعر:
إنا وجدنا خلفا بئس الخلف * عبدا إذا ما ناء بالحمل وقف وقال الفراء: معنى تنوء بالعصبة: تميلهم بثقلها كما يقال: يذهب بالبؤس ويذهب البؤس وذهبت به وأذهبته وجئت به وأجأته ونؤت به وأنأته، واختار هذا النحاس، وبه قال كثير من السلف. وقيل هو مأخوذ من النأي، وهو البعد وهو بعيد. وقرأ بديل بن ميسرة " لينوء " بالياء: أي لينوء الواحد منها أو المذكور، فحمل على المعنى والمراد بالعصبة الجماعة التي يتعصب بعضها لبعض. قيل هي من الثلاثة إلى العشرة، وقيل من العشرة إلى الخمسة عشر، وقيل ما بين العشرة إلى العشرين، وقيل من الخمسة إلى العشرة، وقيل أربعون، وقيل سبعون، وقيل غير ذلك (إذ قال له قومه لا تفرح) الظرف منصوب بتنوء، وقيل بآتيناه، وقيل ببغي. وردهما أبو حبان بأن الإيتاء والبغي لم يكونا ذلك الوقت. وقال ابن جرير: هو متعلق بمحذوف وهو أذكر، والمراد بقومه هنا:
هم المؤمنون من بني إسرائيل. وقال الفراء: هو موسى وهو جمع أريد به الواحد، ومعنى لا تفرح: لا تبطر ولا تأشر (إن الله لا يحب الفرحين) البطرين الأشرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم. قال الزجاج: المعنى لا تفرح بالمال، فإن الفرح بالمال لا يؤدى حقه، وقيل المعنى: لا تفسد كقول الشاعر:
إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة * وتحمل أخرى أفرحتك الودائع أي أفسدتك. قال الزجاج: الفرحين والفارحين سواء. وقال الفراء: معنى الفرحين الذين هم في حال الفرح، والفارحين الذين يفرحون في المستقبل. وقال مجاهد: معنى لا تفرح لا تبغ إن الله لا يحب الفرحين الباغين. وقيل معناه: لا تبخل إن الله لا يحب الباخلين (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة) أي واطلب فيما أعطاك الله من الأموال الدار الآخرة فأنفقه فيما يرضاه الله لا في التجبر والبغي. وقرئ " واتبع " (ولا تنس نصيبك من الدنيا). قال جمهور المفسرين: وهو أن يعمل في دنياه لآخرته، ونصيب الإنسان عمره وعمله الصالح. قال الزجاج: معناه لا تنس أن تعمل لآخرتك، لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا الذي يعمل به لآخرته. وقال الحسن وقتادة: معناه لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال وطلبك إياه، وهذا ألصق بمعنى النظم القرآني (وأحسن كما أحسن الله إليك) أي أحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك بما أنعم به عليك من نعم الدنيا، وقيل أطع الله وأعبده كما أنعم