وحجتهما: أنهما أتبعا الهمزة ما قبلها، من ياء أو كسرة.
قوله تعالى: (فإن كان له إخوة) أي: مع الأبوين، فإنهم يحجبون الأم عن الثلث فيردونها إلى السدس، واتفقوا على أنهم إذا كانوا ثلاثة إخوة، حجبوا، فإن كانا أخوين، فهل يحجبانها، فيه قولان:
أحدهما: يحجبانها عن الثلث، قاله عمر، وعثمان، وعلي، وزيد، والجمهور.
والثاني: لا يحجبها إلا ثلاثة، قاله ابن عباس، واحتج بقوله: إخوة. والأخوة: اسم جمع، واختلفوا في أقل الجمع، فقال الجمهور: أقله ثلاثة، وقال قوم: اثنان، والأول: أصح. وإنما حجب العلماء الأم بأخوين لدليل اتفقوا عليه، وقد يسمى الاثنان بالجمع، قال الزجاج: جميع أهل اللغة يقولون: إن الأخوين جماعة، وحكى سيبويه أن العرب تقول: وضعا رحالهما، يريدون:
رحلي راحلتيهما.
قوله تعالى: (من بعد وصية) أي: هذه السهام إنما تقسم بعد الوصية والدين. وقرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو بكر، عن عاصم " يوصى بها " بفتح الصاد في الحرفين. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: " يوصي " فيهما بالكسر، وقرأ حفص، عن عاصم الأولى بالكسر، والثانية بالفتح.
واعلم أن الدين مؤخر في اللفظ، مقدم في المعنى، لأن الدين حق عليه، والوصية حق له، وهما جميعا مقدمان على حق الورثة إذا كانت الوصية في ثلث المال، و " أو " لا توجب الترتيب، إنما تدل على أن أحدهما إن كان، فالميراث بعده، وكذلك إن كانا.
قوله تعالى: (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) فيه قولان:
أحدهما: أنه النفع في الآخرة، ثم فيه قولان:
أحدهما: أن الوالد إذا كان أرفع درجة من ولده، رفع إليه ولده، وكذلك الولد، رواه أبو صالح، عن ابن عباس.
والثاني: أنه شفاعة بعضهم في بعض، رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس.
والقول الثاني: أنه النفع في الدنيا، قاله مجاهد. ثم في معناه قولان:
أحدهما: أن المعنى: لا تدرون هل موت الآباء أقرب، فينتفع الأبناء بأموالهم، أو موت الأبناء، فينتفع الآباء بأموالهم؟ قاله ابن بحر.
والثاني: أن المعنى: أن الآباء والأبناء يتفاوتون في النفع، حتى لا يدري أيهم أقرب نفعا،