آمن معه، والذين آمنوا من أهل الإنجيل ممن قدم مع جعفر من الحبشة، والمؤمنون، يعني أصحاب رسول الله، فأما قوله [تعالى]: (والمقيمين الصلاة) فهم القائمون بأدائها كما أمروا وفي نصب " المقيمين " أربعة أقوال:
أحدها: أنه خطأ من الكاتب، وهذا قول عائشة، وروي عن عثمان بن عفان أنه قال: إن في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها. وقد قرأ ابن مسعود، وأبي، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والجحدري: " والمقيمون الصلاة " بالواو. وقال الزجاج: قول من قال إنه خطأ، بعيد جدا، لأن الذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة، والقدوة، فكيف يتركون في كتاب الله شيئا يصلحه غيرهم؟! فلا ينبغي أن ينسب هذا إليهم. وقال ابن الأنباري: حديث عثمان لا يصح، لأنه غير متصل، ومحال أن يؤخر عثمان شيئا فاسدا، ليصلحه من بعده.
والثاني: أنه نسق على " ما " والمعنى: يؤمنون بما أنزل إليك، وبالمقيمين الصلاة، فقيل:
هم الملائكة، وقيل: الأنبياء.
والثالث: أنه نسق على الهاء والميم من قوله (منهم) فالمعنى: لكن الراسخون في العلم منهم، ومن المقيمين الصلاة يؤمنون بما أنزل إليك. قال الزجاج: وهذا ردئ عند النحويين، لا ينسق بالظاهر المجرور على المضمر المجرور إلا في الشعر.
والرابع: أنه منصوب على المدح، فالمعنى: اذكر المقيمين الصلاة، وهم المؤتون الزكاة. وأنشدوا:
لا يبعدن قومي الذين هم * سم العداة وآفة الجزر النازلين بكل معترك * والطيبون معاقد الأزر وهذا على معنى: اذكر النازلين، وهم الطيبون، ومن هذا قولك: مررت بزيد الكريم، إن أردت أن تخلصه من غيره، فالخفض هو الكلام، وإن أردت المدح والثناء، فإن شئت نصبت، فقلت: بزيد الكريم، كأنك قلت: اذكر الكريم، وإن شئت رفعت على معنى: هو الكريم، وتقول: جاءني قومك المطعمين في المحل، والمغيثون في الشدائد على معنى: اذكر المطعمين، وهم المغيثون، وهذا القول اختيار الخليل، وسيبويه. فهذه الأقوال حكاها الزجاج، واختار هذا القول.
* إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم