قوله تعالى: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا) في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن سودة خشيت أن يطلقها رسول لله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله لا تطلقني، وأمسكني، واجعل يومي لعائشة، ففعل، فنزلت هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: أن بنت محمد بن مسلمة كانت تحت رافع بن خديج، فكره منها أمرا، إما كبرا، وإما غيره، فأراد طلاقها، فقالت: لا تطلقني، واقسم لي ما شئت، فنزلت هذه الآية، رواه الزهري عن سعيد بن المسيب وقال مقاتل: واسمها خويلة.
والثالث: قد ذكرناه عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير في نزول الآية التي قبلها، وقالت عائشة: نزلت في المرأة تكون عند الرجل، فلا يستكثر منها، ويريد فراقها، ولعلها تكون له محبة أو يكون لها ولد فتكره فراقه، فتقول له: لا تطلقني وأمسكني، وأنت في حل من شأني. رواه البخاري، ومسلم.
وفي خوف النشوز قولان:
أحدهما: أنه العلم به عند ظهوره.
والثاني: الحذر من وجوده لأماراته. قال الزجاج: والنشوز من بعل المرأة: أن يسئ عشرتها، وأن يمنعها نفسه ونفقته. وقال أبو سليمان: نشوزا، أي: نبوا عنها إلى غيرها، أو إعراضا عنها، واشتغالا بغيرها. (فلا جناحا عليهما أن) يصالحا قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر:
" يصالحا " بفتح الياء، والتشديد. والأصل: " يتصالحا "، فأدغمت التاء في الصاد. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: " يصلحا " بضم الياء، والتخفيف. قال المفسرون: والمعنى: أن يوقعا بينهما أمرا يرضيان به، وتدوم بينهم الصحبة، مثل أن تصبر على تفضيله. وروي عن علي، وابن عباس:
أنهما أجازا لهما أن يصطلحا على ترك بعض مهرها، أو بعض أيامها، بأن يجعله لغيرها. وفي قوله [تعالى]: (والصلح خير) قولان:
أحدهما: خير من الفرقة، قاله مقاتل، والزجاج.
والثاني: خير من النشوز والإعراض، ذكره الماوردي، قال قتادة: متى ما رضيت بدون ما كان لها، واصطلحا عليه، جاز، فإن أبت لم يصلح أن يحبسها على الخسف.