لهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم، يعنون العصر، فإذا قاموا فشدوا عليهم، فلما قاموا، إلى صلاة العصر، نزل جبريل بهذه الآية. رواه أبو صالح عن ابن عباس.
قوله تعالى: (وإذا كنت فيهم) خطاب للنبي [عليه السلام]، ولا يدل على أن الحكم مقصور عليه، فهو كقوله [تعالى] (خذ من أموالهم صدقة) وقال أبو يوسف: لا تجوز صلاة الخوف بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والهاء والميم من (فيهم) تعود على الضاربين في الأرض.
قوله تعالى: (فأقمت لهم الصلاة) أي: ابتدأتها، (فلتقم طائفة منهم معك) أي: لتقف.
ومثله (وإذا أظلم عليهم قاموا). (وليأخذوا أسلحتهم) فيهم قولان:
أحدهما: أنهم الباقون، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم المصلون معه، ذكره ابن جرير، قال: وهذا السلاح كالسيف، يتقلده الإنسان، والخنجر يشده إلى ذراعه.
قوله تعالى: (فإذا سجدوا) يعني المصلين معه (فليكونوا) في المشار إليهم قولان:
أحدهما: أنهم الطائفة التي لم تصل، أمرت ان تحرس الطائفة المصلية، وهذا معنى قول ابن عباس.
والثاني: أنهم المصلون معه أمروا إذا سجدوا أن ينصرفوا إلى الحرس.
واختلف العلماء كيف ينصرفون بعد السجود، فقال قوم: إذا أتموا مع الإمام ركعة أتموا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، وانصرفوا، وقد تمت صلاتهم وقال آخرون: ينصرفون عن ركعة، واختلف هؤلاء، فقال بعضهم: إذا صلوا مع الإمام ركعة وسلموا، فهي تجزئهم. وقال آخرون منهم أبو حنيفة: بل ينصرفون عن تلك الركعة إلى الحرس وهم على صلاتهم، فيكونون في وجه العدو مكان الطائفة التي لم تصل، وتأتي تلك الطائفة. واختلفوا في الطائفة الأخرى، فقال قوم: إذا صلى بهم الإمام أطال التشهد حتى يقضوا الركعة الفائتة، ثم يسلم بهم، وقال آخرون: بل يسلم هو عند فراغه من الصلاة بهم، فإذا سلم قضوا ما فاتهم. وقال آخرون: بل يصلي بالطائفة الثانية ركعة ويسلم هو، ولا تسلم هي، بل ترجع إلى وجه العدو، ثم تجئ الأولى، فتقضي ما بقي من صلاتها وتسلم، وتمضي وتجئ الأخرى، فتتم صلاتها، وهذا مذهب أبي حنيفة.