في الرسالة وفيما ينزل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) الدال على رسالته، والناهض على ربطه الخاص بالمبدأ الغيبي، وتكونون شاكين في نبوته وما يقوله من التوحيد العبادي بخلع الأنداد * (فأتوا بسورة من مثله) *، وهو التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماوية حتى تهدوا به إلى الحق، وكي يهديكم إلى ما هو الواقع الصادق، ولا تكتموا ما في سائر الكتب الصريحة في نبوته (صلى الله عليه وآله وسلم) ورسالته وصحة كتابه الذي يأتي به للهداية الكلية.
* (وادعوا شهداءكم من دون الله) * وهي الأصنام التي تعبدونها، فإنها لو كانت قابلة للعبادة تكون صالحة لهدايتكم إلى الشاهدين لكم والحاضرين بمحضركم، ولا تدعوا من الله تعالى شيئا ولا تطلبوه من الله، فإن الله لطيف بعباده رؤوف بخلائقه، وربما تستجاب دعوتهم عند السراء والضراء، فارفعوا أيديكم إلى تلك الأباطيل حتى يعرف شهداؤكم، لا إلى الله تعالى * (إن كنتم صادقين) * فيما تدعون.
فافعلوا ذلك وأتوا بالمثل، وادعوا الشهداء، ولا تتوانوا ولا تعطلوا الأمر المؤكد تأكيدا * (ولن تفعلوا) * ولو كانوا يدعون شهداءهم * (فإن لم تفعلوا) * في تلك الأزمنة الخالية، وتبين أن الأمر كذلك في الأزمنة الآتية، فلا يبقى لكم العذر في الإنكار المطلق، إنكار التوحيد الذاتي والصفاتي، وإنكار إله العالم، وإنكار التوحيد الأفعالي والعبادي، وإنكار الرسالة والولاية التي هي باطن الرسالة وظاهر الخلافة، ولا يبقى لكم العذر في الشك والتردد النفساني بعد إمكان إزالته بالتدبر والتفكر، وإذا لم يبق العذر ومع ذلك دمتم على تلك الركيزة الباطلة * (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت) * وليست مهيأة إلا * (للكافرين) *.