المجتمعات والأندية، وتلطيف الخواطر، فربما يؤثر شعر واحد أثرا لا يؤثر الآثار والنثور والكلمات والجمل الكثيرة.
وقد اشتهر في تأريخ إيران أن أبا منصور الساماني البخارائي سلطان الملك، خرج عن بخارى وطال سفره، وكان ذلك على خلاف ميول الوزراء والملازمين له وميول الملتزمين ومشتهياتهم، ولم يكن في قدرتهم تحريكه وإرضاؤه إلى الرجوع، وما تمكنوا من ذلك برهة من الزمان وطيلة أيام، فتمسكوا بذيل شعر الشاعر المعاصر المعروف بالرودكي، فأتى بأشعار راقية محركة ميل الشاه إلى بخارى، وباعثة له نحو المملكة وعاصمتها ، وقيل: إنه لم يتم الشعر إلا وقد تجهز نحو بخارى. وقيل: أخذ الركاب مستعجلا على وجه لا يدرك ولا يوصف، ومن تلك الأشعار بالفارسية:
بوى جوى موليان آيدهمى * ياديار مهربان آيدهمى شاه ماه است وبخارا آسمان * شاه سوى آسمان آيد همى شاه سرواست وبخارا بوستان * سرو سوى بوستان آيد همى ريگ هامون ودرشتيهاى أو * زير پايم پرنيان آيد همى (1) وبالجملة: للتوزين بالأوزان المسانخة مع الطباع البشرية، دخالة قطعية كثيرة في النفوذ والتحريك وجلب الأرواح وتحسين الكلام، ومع ذلك كله ينادي القرآن بأعلى صوته: * (ما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين) * (2).