من الرسول غير صحيح، كما تحرر، فمن قائل: إن المخاطبة من الله والنسبة إلى غيره من المجاز، لأنه رسول وواسطة لحكاية كلام الله تعالى، وليس هو مشرعا ولا مخاطبا بالاقتباس، وهذا هو رأي الأكثر وعلماء الشريعة قاطبة في كيفية استناد الكتاب العزيز إليه تعالى وإلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمين الوحي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وربما يقال: إن من هذا الخلاف في النسبة، يظهر الاتفاق في المنتسب إليه في وجه خارج عن أفق الناس خواصهم، فضلا عن عوامهم، وتفصيله في مباحث الوحي والتنزيل وكيفية الإيحاء ونزول جبريل.
وإجماله: أن المسافر إلى الله تعالى، بعد الفوز بالوحدة برفض سرابيل الكثرة، ونزع نسب المادة والمدة وخلع نعالي الفعل والفكرة، يتصل روحه القدوسية بسماء الرفعة، فتخرق أبصار القلوب حجب النور، وتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحهم معلقة بعز قدسه، ومتدلية بنور شوكته، فلا يبقي ولا يذر شيئا من جلباب البشرية إلا ويطرحها من ورائه، فيصير يده الذي يفعل بها ولسان الذي يتفوه به، ورجله التي يمشي بها، فكلامه كلامه وصحبته صحبته ونسبته نسبته، فإذا فرغ عن هذه السفرة الأخيرة الصعودية والعرضية، يشرع بالسفرة الرابعة الخلقية، ويرجع إلى الناس بما ينطق به، ولا ينطق عن الهوى * (إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى) * (1)، ففي هذه الآية بالنسبة