هو الثمن فيكون قد باع شاة وصاعا بصاع والجواب أن الربا انما يعتبر في العقود لا الفسوخ بدليل أنهما لو تبايعا ذهبا بفضة لم يجز أن يتفرقا قبل القبض فلو تقايلا في هذا العقد بعينه جاز التفرق قبل القبض سابعها أنه يلزم منه ضمان الأعيان مع بقائها فيما إذا كان اللبن موجودا والأعيان لا تضمن بالبدل الا مع فواتها كالمغصوب والجواب ان اللبن وإن كان موجودا لكنه تعذر رده لاختلاطه باللبن الحادث بعد العقد وتعذر تمييزه فأشبه الآبق بعد الغصب فإنه يضمن قيمته مع بقاء عينه لتعذر الرد ثامنها أنه يلزم منه اثبات الرد بغير عيب ولا شرط أما الشرط فلم يوجد وأما العيب فنقصان اللبن لو كان عيبا لثبت به الرد من غير تصرية والجواب أن الخيار يثبت بالتدليس كمن باع رحى دائرة بما جمعه لها بغير علم المشترى فإذا اطلع عليه المشترى كان له الرد وأيضا فالمشترى لما رأى ضرعا مملوءا لبنا ظن أنه عادة لها فكان البائع شرط له ذلك فتبين الامر بخلافه فثبت له الرد لفقد الشرط المعنوي لان البائع يظهر صفة المبيع تارة بقوله وتارة بفعله فإذا أظهر المشترى على صفة فبأن الامر بخلافها كان قد دلس عليه فشرع له الخيار وهذا هو محض القياس ومقتضى العدل فان المشترى انما بدل ماله بناء على الصفة التي أظهرها له البائع وقد أثبت الشارع خيار للركبان إذا تلقوا واشترى منهم قبل أن يهبطوا إلى السوق ويعلموا السعر وليس هناك عيب ولا خلف في شرط ولكن لما فيه من الغش والتدليس ومنهم من قال الحديث صحيح لا اضطراب فيه ولا علة ولا نسخ وانما هو محمول على صورة مخصوصة وهو ما إذا اشترى شاة بشرط أنها تحلب مثلا خمسة أرطال وشرط فيها الخيار فالشرط فاسد فان اتفقا على اسقاطه في مدة الخيار صح العقد وان لم يتفقا بطل العقد ووجب رد الصاع من التمر لأنه كان قيمة اللبن يومئذ وتعقب بأن الحديث ظاهر في تعليق الحكم بالتصرية وما ذكره هذا القائل يقتضى تعليقه بفساد الشرط سواء وجدت التصرية أم لا فهو تأويل متعسف وأيضا فلفظ الحديث لفظ عموم وما ادعوه على تقدير تسليمه فرد من افراد ذلك العموم فيحتاج من ادعى قصر العموم عليه الدليل على ذلك ولا وجود له قال ابن عبد البر هذا الحديث أصل في النهى عن الغش وأصل في ثبوت الخيار لمن دلس عليه بعيب وأصل في أنه لا يفسد أصل البيع وأصل في أن مدة الخيار ثلاثة أيام وأصل في تحريم التصرية وثبوت الخيار بها وقد روى أحمد وابن ماجة عن ابن مسعود مرفوعا بيع المحفلات خلابة ولا تحل الخلابة لمسلم وفى اسناده ضعف وقد رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق موقوفا باسناد صحيح وروى ابن أبي شيبة من طريق قيس بن أبي حازم قال كان يقال التصرية خلابة واسناده صحيح واختلف القائلون به في أشياء منها لو كان عالما بالتصرية هل يثبت له الخيار فيه وجه للشافعية ويرجح أنه لا يثبت رواية عكرمة عن أبي هريرة في هذا الحديث عند الطحاوي فان لفظه من اشترى مصراة ولم يعلم أنها مصراة الحديث ولو صار لبن المصراة عادة واستمر على كثرته هل له الرد فيه وجه لهم أيضا خلافا للحنابلة في المسئلتين ومنها لو تحفلت بنفسها أو صرها المالك لنفسه ثم بدا له فباعها فهل يثبت ذلك الحكم فيه خلاف فمن نظر إلى المعنى أثبته لان العيب مثبت للخيار ولا يشترط فيه تدليس للبائع ومن نظر إلى أن حكم التصرية خارج عن القياس خصه بمورده وهو حالة العمد فان النهى انما تناولها فقط ومنها لو كان الضرع مملوءا لحما وظنه المشترى لبنا فاشتراها على ذلك
(٣٠٨)