كمن يخبر بأنه اشترى سلعة بأكثر مما اشترها به ليغر غيره بذلك كما سيأتي من كلام الصحابي في هذا الباب وقال ابن قتيبة النجش الختل والخديعة ومنه قيل للصائد ناجش لأنه يختل الصيد ويحتال له (قوله ومن قال لا يجوز ذلك البيع) كأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق من طريق عمر بن عبد العزيز أن عاملا له باع سبيا فقال له لولا انى كنت أزيد فانفقه لكان كاسدا فقال له عمر هذا نجش لا يحل فبعث مناديا ينادى ان البيع مردود وان البيع لا يحل قال ابن بطال أجمع العلماء على أن الناجش عاص بفعله واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك ونقل ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث فساد ذلك البيع وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان ذلك بمواطاة البائع أو صنعه والمشهور عند المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار وهو وجه للشافعية قياسا على المصراة والأصح عندهم صحة البيع مع الاثم وهو قول الحنفية وقال الرافعي أطلق الشافعي في المختصر تعصية الناجش وشرط في تعصية من باع على بيع أخيه أن يكون عالما بالنهى وأجاب الشارحون بان النجش خديعة وتحريم الخديعة واضح لكل أحد وان لم يعلم هذا الحديث بخصوصه بخلاف البيع على بيع أخيه فقد لا يشترك فيه كل أحد واستشكل الرافعي الفرق بان البيع على بيع أخيه اضرار والاضرار يشترك في علم تحريمه كل أحد قال فالوجه تخصيص المعصية في الموضعين بمن علم التحريم اه وقد حكى البيهقي في المعرفة والسنن عن الشافعي تخصيص التعصية في النجش أيضا بمن علم النهى فظهر أن ما قاله الرافعي بحثا منصوص ولفظ الشافعي النجش ان يحضر الرجل السلعة تباع فيعطى بها الشئ وهو لا يريد شراءها ليقتدى به السوام فيعطون بها أكثر مما كانوا يعطون لو لم يسمعوا سومه فمن نجش فهو عاص بالنجش إن كان عالما بالنهى والبيع جائز لا يفسده معصية رجل نجش عليه (قوله وقال ابن أبي أوفى الناجش آكل ربا خائن) هذا طرف من حديث أورده المصنف في الشهادات في باب قول الله تعالى ان الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ثم ساق فيه من طريق السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى قال أقام رجل سلعته فحلف بالله لقد أعطى فيها ما لم يعط فنزلت قال ابن أبي أوفى الناجش آكل ربا خائن أورده من طريق يزيد بن هارون عن السكسكي وقد أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور عن يزيد مقتصرين على الموقوف وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن ابن أبي أوفى مرفوعا لكن قال ملعون بدل خائن اه وأطلق ابن أبي أوفى على من أخبر بأكثر مما اشترى به انه ناجش لمشاركته لمن يزيد في السلعة وهو لا يريد أن يشتريها في غرور الغير فاشتركا في الحكم لذلك وكونه آكل ربا بهذا التفسير وكذلك يصح على التفسير الأول ان واطاه البائع على ذلك وجعل له عليه جعلا فيشتركان جميعا في الخيانة وقد اتفق أكثر العلماء على تفسير النجش في الشرع بما تقدم وقيد ابن عبد البر وابن العربي وابن حزم التحريم بان تكون الزيادة المذكورة فوق ثمن المثل قال ابن العربي فلو أن رجلا رأى سلعة رجل تباع بدون قيمتها فزاد فيها لتنتهي إلى قيمتها لم يكن ناجشا عاصيا بل يؤجر على ذلك بنيته وقد وافقه على ذلك بعض المتأخرين من الشافعية وفيه نظر إذ لم تتعين النصيحة في أن يوهم أنه يريد الشراء وليس من غرضه بل غرضه أن يزيد على من يريد الشراء أكثر مما يريد أن يشترى به فللذي يريد النصيحة مندوحة عن ذلك أن يعلم البائع بان قيمة سلعتك أكثر من ذلك ثم هو
(٢٩٧)