مسلم من طريق أبى خيثمة عن أبي الزبير بلفظ لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض (قوله ورخص فيه عطاء) أي في بيع الحاضر للبادي وصله عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الله بن عثمان أي ابن خثيم عن عطاء بن أبي رباح قال سألته عن أعرابي أبيع له فرخص لي وأما ما رواه سعيد بن منصور من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال انما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد لأنه أراد أن يصيب المسلمون غرتهم فأما اليوم فلا بأس فقال عطاء لا يصلح اليوم فقال مجاهد ما أرى أبا محمد الا لو أتاه ظئر له من أهل البادية الا سيبيع له فالجمع بين الروايتين عن عطاء أن يحمل قوله هذا على كراهة التنزيه ولهذا نسب إليه مجاهد ما نسب وأخذ بقول مجاهد في ذلك أبو حنيفة وتمسكوا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة وزعموا أنه ناسخ لحديث النهى وحمل الجمهور حديث الدين النصيحة على عمومه الا في بيع الحاضر للبادئ فهو خاص فيقضى على العام والنسخ لا يثبت بالاحتمال وجمع البخاري بينهما بتخصيص النهى بمن يبيع له بالاجرة كالسمسار وأما من ينصحه فيعلمه بأن السعر كذا مثلا فلا يدخل في النهى عنده والله أعلم ثم أورد المصنف في الباب حديثين * أحدهما حديث جرير في النصح لكل مسلم وقد تقدم في الكلام عليه في آخر كتاب الايمان * والثاني حديث ابن عباس (قوله حدثنا عبد الواحد) هو ابن زياد (قوله لا تلقوا الركبان) زاد الكشميهني في روايته للبيع وسيأتى الكلام عليه قريبا (قوله لا يكون له سمسارا) بمهملتين هو في الأصل القيم بالامر والحافظ له ثم استعمل في متولى البيع والشراء لغيره وفى هذا التفسير تعقب على من فسر الحاضر بالبادى بأن المراد نهى الحاضر أن يبيع للبادي في زمن الغلاء شيئا يحتاج إليه أهل البلد فهذا مذكور في كتب الحنفية وقال غيرهم صورته أن يجئ البلد غريب بسلعته يريد بيعها بسعر الوقت في الحال فيأتيه بلدي فيقول له ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج باغلى من هذا السعر فجعلوا الحكم منوطا بالبادى ومن شاركه في معناه قال وانما ذكر البادئ في الحديث لكونه الغالب فألحق به من يشاركه في عدم معرفة السعر الحاضر واضرار أهل البلد بالإشارة عليه بان لا يبادر بالبيع وهذا تفسير الشافعية والحنابلة وجعل المالكية البداوة قيدا وعن مالك لا يلتحق بالدوى في ذلك الا من كان يشبهه قال فاما أهل القرى الذين يعرفون أثمان السلع والأسواق فليسوا داخلين في ذلك قال ابن المنذر اختلفوا في هذا النهى فالجمهور أنه على التحريم بشرط العلم بالنهى وأن يكون المتاع المجلوب مما يحتاج إليه وان يعرض الحضري ذلك على البدوي فلو عرضه البدوي على الحضري لم يمنع وزاد بعض الشافعية عمود الحاجة وان يظهر يبيع ذلك السماع السعة في تلك البلد قال ابن دقيق العيد أكثر هذه الشروط تدور بين اتباع المعنى أو اللفظ والذي ينبغي ان ينظر في المعنى إلى الظهور والخفاء فحيث يظهر يخصص النص أو يعمم وحيث يخفى فاتباع اللفظ أولى فاما اشتراط أن يلتمس البلدي ذلك فلا يقوى لعدم دلالة اللفظ عليه وعدم ظهور المعنى فيه فان الضرر الذي علل به النهى لا يفترق الحال فيه بين سؤال البلدي وعدمه وأما اشتراط أن يكون الطعام مما تدعو الحاجة إليه فمتوسط بين الظهور وعدمه وأما اشتراط ظهور السعة فكذلك أيضا لاحتمال أن يكون المقصود مجرد تفويت الربح والرزق على أهل البلد وأما اشتراط العلم بالنهى فلا اشكال فيه وقال السبكي شرط حاجة الناس إليه
(٣١١)