الطبراني من وجه آخر عنه وأبو يعلى من حديث أنس وأخرجه البيهقي في الخلافيات من حديث عمرو بن عوف المزنى وأخرجه أحمد من رواية رجل من الصحابة لم يسم وقال ابن عبد البر هذا الحديث مجمع على صحته وثبوته من جهة النقل واعتل من لم يأخذ به بأشياء لا حقيقة لها ومنهم من قال هو حديث مضطرب لذكر التمر فيه تارة والقمح أخرى واللبن أخرى واعتباره بالصاع تارة وبالمثل أو المثلين تارة وبالاناء أخرى والجواب ان الطرق الصحيحة لا اختلاف فيها كما تقدم والضعيف لا يعل به الصحيح ومنهم من قال هو معارض لعموم القرآن كقوله تعالى وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وأجيب بأنه من ضمان المتلفات لا العقوبات والمتلفات تضمن بالمثل وبغير المثل ومنهم من قال هو منسوخ وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال ولا دلالة على النسخ مع مدعيه لانهم اختلفوا في الناسخ فقيل حديث النهى عن بيع الدين بالدين وهو حديث أخرجه ابن ماجة وغيره من حديث ابن عمر ووجه الدلالة منه أن لبن المصراة يصير دينا في ذمة المشتري فإذا ألزم بصاع من تمر نسيئة صار دينا بدين وهذا جواب الطحاوي وتعقب بأن الحديث ضعيف باتفاق المحدثين وعلى التنزل فالتمر انما شرع في مقابل الحلب سواء كان اللبن موجودا أو غير موجود فلم يتعين في كونه من الدين بالدين وقيل ناسخه حديث الخراج بالضمان وهو حديث أخرجه أصحاب السنن عن عائشة ووجهه الدلالة منه أن اللبن فضلة من فضلات الشاة ولو هلكت لكان من ضمان المشترى فكذلك فضلاتها تكون له فكيف يغرم بدلها للبائع حكاه الطحاوي أيضا وتعقب بان حديث المصراة أصح منه باتفاق فكيف يقدم المرجوح على الراجح ودعوى كونه بعده لا دليل عليها وعلى التنزل فالمشترى لم يؤمر بغرامة ما حدث في ملكه بل بغرامة اللبن الذي ورد عليه العقد ولم يدخل في العقد فليس بين الحديثين على هذا تعارض وقيل ناسخه الأحاديث الواردة في رفع العقوبة بالمال وقد كانت مشروعة قبل ذلك كما في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده في مانع الزكاة فانا آخذوها وشطر ماله وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في الذي يسرق من الجرين يغرم مثليه وكلاهما في السنن وهذا جواب عيسى بن أبان فحديث المصراة من هذا القبيل وهى كلها منسوخة وتعقبه الطحاوي بأن التصرية انما وجدت من البائع فلو كان من ذلك الباب للزمه التغريم والفرض أن حديث المصراة يقتضى تغريم المشترى فافترقا ومنهم من قال ناسخه حديث البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وهذا جواب محمد بن شجاع ووجه الدلالة منه أن الفرقة تقطع الخيار فثبت أن لا خيار بعدها الا لمن استثناه الفاء بقوله الا بيع الخيار وتعقبه الطحاوي بأن الخيار الذي في المصراة من خيار الرد بالعيب وخيار الرد بالعيب لا تقطعه الفرقة ومن الغريب أنهم لا يقولون بخيار المجلس ثم يحتجون به فيما لم يرد فيه ومنهم من قال هو خبر واحد لا يفيد الا الظن وهو مخالف لقياس الأصول المقطوع به فلا يلزم العمل به وتعقب بأن التوقف في خبر الواحد انما هو في مخالفة الأصول لا في مخالفة قياس الأصول وهذا الخبر انما خالف قياس الأصول بدليل أن الأصول الكتاب والسنة والاجماع والقياس والكتاب والسنة في الحقيقة هما الأصل والآخران مردودان إليهما فالسنة أصل والقياس فرع فكيف يرد الأصل بالفرع بل الحديث الصحيح أصل بنفسه فكيف يقال إن الأصل يخالف نفسه وعلى
(٣٠٦)