حديث أبي سعيد في هذا الباب بلفظ ليس معها زوجها أو ذو محرم منها وضابط المحرم عند العلماء من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها فخرج بالتأبيد أخت الزوجة وعمتها وبالمباح أم الموطوءة بشبهة وبنتها وبحرمتها الملاعنة واستثنى أحمد من حرمت على التأبيد مسلمة لها أب كتابي فقال لا يكون محرما لها لأنه لا يؤمن ان يفتنها عن دينها إذا خلا بها ومن قال إن عبد المرأة محرم لها يحتاج ان يزيد في هذا الضابط ما يدخله وقد روى سعيد بن منصور من حديث ابن عمر مرفوعا سفر المرأة مع عبدها ضيعة لكن في اسناده ضعف وقد احتج به أحمد وغيره وينبغي لمن أجاز ذلك أن يقيده بما إذا كانا في قافلة بخلاف ما إذا كانا وحدهما فلا لهذا الحديث وفى آخر حديث ابن عباس هذا ما يشعر بان الزوج يدخل في مسمى المحرم فإنه لما استثنى المحرم فقال القائل ان امرأتي حاجة فكأنه فهم حال الزوج في المحرم ولم يرد عليه ما فهمه بل قيل له اخرج معها واستثنى بعض العلماء ابن الزوج فكره السفر معه لغلبة الفساد في الناس قال ابن دقيق العيد هذه الكراهية عن مالك فإن كانت للتحريم ففيه بعد لمخالفة الحديث وإن كانت للتنزيه فيتوقف على أن لفظ لا يحل هل يتناول المكروه الكراهة التنزيهية (قوله ولا يدخل عليها رجل الا ومعها محرم) فيه منع الخلوة بالأجنبية وهو اجماع اختلفوا هل يقوم غير المحرم مقامه في هذا كالنسوة الثقات والصحيح الجواز لضعف التهمة به وقال القفال لا بد من المحرم وكذا في النسوة الثقات في سفر الحج لا بد من أن يكون مع إحداهن محرم ويؤيده نص الشافعي انه لا يجوز للرجل أن يصلى بنساء مفردات الا أن تكون إحداهن محرما له (قوله فقال رجل يا رسول الله انى أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا) لم أقف على اسم الرجل ولا امرأته ولا على تعيين الغزوة المذكورة وسيأتى في الجهاد بلفظ انى اكتتبت في غزوة كذا أي كتبت نفسي في أسماء من عين لتلك الغزاة قال ابن المنير الظاهر أن ذلك كان في حجة الوداع فيؤخذ منه ان الحج على التراخي إذ لو كان على الفور لما تأخر الرجل مع رفقته الذين عينوا في تلك الغزاة كذا قال وليس ما ذكره بلازم لاحتمال أن الريح قد حجوا قبل ذلك مع من حج في سنة تسع مع أبي بكر الصديق أو أن الجهاد قد تعين على المذكورين بتعيين الامام كما لو نزل عدو بقوم فإنه يتعين عليهم الجهاد ويتأخر الحج اتفاقا (قوله اخرج معها) أخذ بظاهره بعض أهل العلم فأوجب على الزوج السفر مع امرأته إذا لم يكن لها غيره وبه قال احمد وهو وجه للشافعية والمشهور انه لا يلزمه كالولي في الحج عن المريض فلو امتنع الا بأجرة لزمها لأنه من سبيلها فصار في حقها كالمؤنة واستدل به على أنه ليس للزوج منع امرأته من حج الفرض وبه قال أحمد وهو وجه للشافعية والأصح عندهم ان له منعها لكون الحج على التراخي واما ما رواه الدارقطني من طريق إبراهيم الصائغ عن نافع عن ابن عمر مرفوعا في امرأة لها زوج لها مال ولا يأذن لها في الحج فليس لها ان تنطلق الا بإذن زوجها فأجيب عنه بأنه محمول على حج التطوع عملا بالحديثين ونقل ابن المنذر الاجماع على أن للرجل منع زوجته من الخروج في الاسفار كلها وانما اختلفوا فيما كان واجبا واستنبط منه ابن حزم جواز سفر المرأة بغير زوج ولا محرم لكونه صلى الله عليه وسلم لم يأمر بردها ولا عاب سفرها وتعقب بأنه لو لم يكن ذلك شرطا لما أمر زوجها بالسفر معها وتركه الغزو الذي كتب فيه ولا سيما وقد رواه سعيد بن منصور عن
(٦٦)