بالكلب هنا الكلب خاصة ولا يلتحق به في هذا الحكم سوى الذئب واحتج أبو عبيد للجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فقتله الأسد وهو حديث حسن أخرجه الحاكم من طريق أبى نوفل بن أبي عقرب عن أبيه واحتج بقوله تعالى وما علمتم من الجوارح مكلبين فاشتقها من اسم الكلب فلهذا قيل لكل جارح عقور واحتج الطحاوي للحنفية بان العلماء اتفقوا على تحريم قتل البازي والصقر وهما من سباع الطير فدل ذلك على اختصاص التحريم بالغراب والحدأة وكذلك يختص التحريم بالكلب وما شاركه في صفته وهو الذئب وتعقب برد الاتفاق فان مخالفيهم أجازوا قتل كل ما عدا وافترس فيدخل فيه الصقر وغيره بل معظمهم قال يلتحق بالخمس كل ما نهى عن أكله الا ما نهى عن قتله واختلف العلماء في غير العقور مما لم يؤمر باقتنائه فصرح بتحريم قتله القاضيان حسين والماوردي وغيرهما ووقع في الام للشافعي الجواز واختلف كلام النووي فقال في البيع من شرح المهذب لا خلاف بين أصحابنا في أنه محترم لا يجوز قتله وقال في التيمم والغصب انه غير محترم وقال في الحج يكره قتله كراهة تنزيه وهذا اختلاف شديد وعلى كراهة قتله اقتصر الرافعي وتبعه في الروضة وزاد أنها كراهة تنزيه والله أعلم وذهب الجمهور كما تقدم إلى الحاق غير الخمس بها في هذا الحكم الا انهم اختلفوا في المعنى فقيل لكونها مؤذية فيجوز قتل كل مؤذ وهذا قضية مذهب مالك وقيل لكونها مما لا يؤكل فعلى هذا كل ما يجوز قتله لا فدية على المحرم فيه وهذا قضية مذهب الشافعي وقد قسم هو وأصحابه الحيوان بالنسبة للمحرم إلى ثلاثة أقسام قسم يستحب كالخمس وما في معناها مما يؤذى وقسم يجوز كسائر ما لا يؤكل لحمه وهو قسمان ما يحصل منه نفع وضرر فيباح لما فيه من منفعة الاصطياد ولا يكره لما فيه من العدوان وقسم ليس فيه نفع ولا ضرر فيكره قتله ولا يحرم والقسم الثالث ما أبيح أكله أو نهى عن قتله فلا يجوز ففيه الجزاء إذا قتله المحرم وخالف الحنفية فاقتصروا على الخمس الا أنهم ألحقوا بها الحية لثبوت الخبر والذئب لمشاركته للكلب في الكلبية وألحقوا بذلك من ابتدأ بالعدوان والأذى من غيرها وتعقب بظهور المعنى في الخمس وهو الأذى الطبيعي والعدوان المركب والمعنى إذا ظهر في المنصوص عليه تعدى الحكم إلى كل ما وجد فيه ذلك المعنى كما وافقوا عليه في مسائل الربا قال ابن دقيق العيد والتعدية بمعنى الأذى إلى كل مؤذ قوى بالإضافة إلى تصرف أهل القياس فإنه ظاهر من جهة الايماء بالتعليل بالفسق وهو الخروج عن الحد وأما التعليل بحرمة الاكل ففيه ابطال لما دل عليه ايماء النص من التعليل بالفسق انتهى وقال غيره هو راجع إلى تفسير الفسق فمن فسره بأنه الخروج عن بقية الحيوان بالأذى علل به ومن قال بجواز القتل وتحريم الاكل علل به وقال من علل بالأذى يجرى الأذى مختلفة وكأنه نبه بالعقرب على ما يشاركها في الأذى باللسع ونحوه من ذوات السموم كالحية والزنبور وبالفأرة على ما يشاركها في الأذى بالنقب والقرض كابن عرس وبالغراب والحدأة على ما يشاركهما بالاختطاف كالصقر وبالكلب العقور على ما يشاركه في الأذى بالعدوان والعقر كالأسد والفهد وقال من علل بتحريم الاكل وجواز القتل انما اقتصر على الخمس لكثرة ملابستها للناس بحيث يعم أذاها والتخصيص بالغلبة لا مفهوم له * (تكملة) * نقل الرافعي عن الامام ان هذه الفواسق لا ملك فيها لأحد ولا اختصاص ولا يجب ردها على صاحبها ولم يذكر
(٣٤)