الضمير لأبي قتادة بينه مسلم أحرم أصحابي ولم أحرم وفى رواية علي بن المبارك وأنبأنا بعدو بغيقة فتوجهنا نحوهم وفى هذا السياق حذف بينته رواية عثمان بن موهب عن عبد الله بن أبي قتادة وهى بعد بابين بلفظ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا فخرجوا معه فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة فقال خذوا ساحل البحر حتى نلتقى فاخذوا ساحل البحر فلما انصرفوا أحرموا كلهم الا أبا قتادة وسيأتى الجمع هناك بين قوله في هذه الرواية خرج حاجا وبين قوله في حديث الباب عام الحديبية إن شاء الله تعالى وبين المطلب عن أبي قتادة عن سعيد بن منصور مكان صرفهم ولفظه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغنا الروحاء (قوله وحدث) بضم أوله على البناء للمجهول وقوله بغيقة أي في غيقة وهو بفتح الغين المعجمة بعدها ياء ساكنة ثم قاف مفتوحة ثم هاء قال السكوني هو ماء لبنى غفار بين مكة والمدينة وقال يعقوب هو قليب لبنى ثعلبة يصب فيه ماء رضوى ويصب هو في البحر وحاصل القصة ان النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج في عمرة الحديبية فبلغ الروحاء وهى من ذي الحليفة على أربعة وثلاثين ميلا أخبروه بان عدوا من المشركين بوادي غيقة يخشى منهم ان يقصدوا غرته فجهز طائفة من أصحابه فيهم أبو قتادة إلى جهتهم ليأمن شرهم فلما أمنوا ذلك لحق أبو قتادة وأصحابه بالنبي صلى الله عليه وسلم فأحرموا الا هو فاستمر هو حلالا لأنه اما لم يجاوز الميقات واما لم يقصد العمرة وبهذا يرتفع الاشكال الذي ذكره أبو بكر الأثرم قال كنت أسمع أصحابنا يتعجبون من هذا الحديث ويقولون كيف جاز لأبي قتادة ان يجاوز الميقات وهو غير محرم ولا يدرون ما وجهه قال حتى وجدته في رواية من حديث أبي سعيد فيها خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحرمنا فلما كنا بمكان كذا إذا نحن بابى قتادة وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في وجه الحديث قال فإذا أبو قتادة انما جاز له ذلك لأنه لم يخرج يريد مكة (قلت) وهذه الرواية التي أشار إليها تقتضى أن أبا قتادة لم يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة وليس كذلك لما بيناه ثم وجدت في صحيح ابن حبان والبزار من طريق عياض بن عبد الله عن أبي سعيد قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة على الصدقة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم محرمون حتى نزلوا بعسفان فهذا سبب آخر ويحتمل جمعهما والذي يظهر أن أبا قتادة انما أخر الاحرام لأنه لم يتحقق انه يدخل مكة فساغ له التأخير وقد استدل بقصة أبى قتادة على جواز دخول الحرم بغير احرام لمن لم يرد حجا ولا عمرة وقيل كانت هذه القصة قبل ان يؤقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت وأما قول عياض ومن تبعه ان أبا قتادة لم يكن خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة وانما بعثه أهل المدينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمونه ان بعض العرب قصدوا الاغارة على المدينة فهو ضعيف مخالف لما ثبت في هذه الطريق الصحيحة طريق عثمان بن موهب الآتية بعد بابين كما أشرت إليها قبل (قوله فبينا أبى مع أصحابه يضحك بعضهم إلى بعض) في رواية علي بن المبارك فبصر أصحابي بحمار وحش فجعل بعضهم يضحك إلى بعض زاد في رواية أبى حازم وأحبوا لو أنى أبصرته هكذا في جميع الطرق والروايات ووقع في رواية العذرى في مسلم فجعل بعضهم يضحك إلى فشددت الياء من إلى قال عياض وهو خطا وتصحيف وانما سقط عليه لفظة بعض ثم احتج لضعفها بأنهم لو ضحكوا إليه لكانت أكبر إشارة وقد قال لهم النبي صلى الله عليه
(١٩)