هريرة كما قال أحمد ورواه ابن أبي شيبة من طريق أبى زرعة عن أبي هريرة بلفظ إياكم والوصال ثلاث مرات واسناده صحيح وقد أخرجه مسلم من هذا الوجه بدون قوله ثلاث مرات (قوله انى أبيت يطعمني ربى ويسقين) كذا في الطريقين عن أبي هريرة في هذا الباب وقد تقدم في الباب الذي قبله من رواية في حديث أنس بلفظ أظل وكذا في حديث عائشة عند الإسماعيلي وهى محمولة على مطلق الكون لا على حقيقة اللفظ لان المتحدث عنه هو الامساك ليلا لا نهارا وأكثر الروايات انما هي أبيت وكأن بعض الرواة عبر عنها باظل نظرا إلى اشتراكهما في مطلق الكون يقولون كثيرا أضحى فلان كذا مثلا ولا يريدون تخصيص ذلك بوقت الضحى ومنه قوله تعالى وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا فان المراد به مطلق الوقت ولا اختصاص لذلك بنهار دون ليل وقد رواه أحمد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة كلهم عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ انى أظل عند ربى فيطعمني ويسقيني وكذلك رواه أحمد أيضا عن ابن نمير وأبو نعيم في المستخرج من طريق إبراهيم بن سعيد عن ابن نمير عن الأعمش وأخرجه أبو عوانة عن علي بن حرب عن أبي معاوية كذلك وأخرجه هو وابن خزيمة من طريق عبيدة بن حميد عن الأعمش كذلك ووقع لمسلم فيه شئ غريب فإنه أخرجه عن ابن نمير عن أبيه فقال بمثل حديث عمارة عن أبي زرعة ولفظ عمارة المذكور عنده انى أبيت يطعمني ربى ويسقيني وقد عرفت ان رواية ابن نمير عند احمد فيها عند ربى وليس في ذلك في شئ من الطرق عن أبي هريرة الا في رواية أبى صالح ولم ينفرد بها الأعمش فقد أخرجها احمد أيضا من طريق عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح ووقعت في حديث غير أبي هريرة وأخرجها الإسماعيلي في حديث عائشة أيضا عن الحسن بن سفيان عن عثمان بن أبي شيبة بسنده الماضي في الباب الذي قبل هذا بلفظ أظل عند الله يطعمني ويسقيني وعن عمران بن موسى عن عثمان بلفظ عند ربى ووقعت أيضا كذلك عند سعيد بن منصور وابن أبي شيبة من مرسل الحسن بلفظ انى أبيت عند ربى واختلف في معنى قوله يطعمني ويسقيني فقيل هو على حقيقته وانه صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بطعام وشراب من عند الله كرامة له في ليالي صيامه وتعقبه ابن بطال ومن تبعه بأنه لو كان كذلك لم يكن مواصلا وبأن قوله يظل يدل على وقوع ذلك بالنهار فلو كان الأكل والشرب حقيقة لم يكن صائما وأجيب بان الراجح من الروايات لفظ أبيت دون أظل وعلى تقدير الثبوت فليس حمل الطعام والشراب على المجاز بأولى له من حمل لفظ أظل على المجاز وعلى التنزل فلا يضر شئ من ذلك لان ما يؤتى به الرسول على سبيل الكرامة من طعام الجنة وشرابها لا تجرى عليه احكام المكلفين فيه كما غسل صدره صلى الله عليه وسلم في طست الذهب مع أن استعمال أواني الذهب الدنيوية حرام وقال ابن المنير في الحاشية الذي يفطر شرعا انما هو الطعام المعتاد واما الخارق للعادة كالمحضر من الجنة فعلى غير هذا المعنى وليس تعاطيه من جنس الأعمال وانما هو من جنس الثواب كأكل أهل الجنة في الجنة والكرامة لا تبطل العبادة وقال غيره لا مانع من حمل الطعام والشراب على حقيقتهما ولا يلزم شئ مما تقدم ذكره بل الرواية الصحيحة أبيت وأكله وشربه في الليل مما يؤتى به من الجنة لا يقطع وصاله خصوصية له بذلك فكأنه قال لما قيل له انك تواصل فقال انى لست في ذلك كهيئتكم
(١٨٠)