طريق يونس كلاهما عن الزهري وبينا انه من قول الزهري وبذلك جزم البخاري في الجهاد وظاهره ان الزهري ذهب إلى أن الصوم في السفر منسوخ ولم يوافق على ذلك كما سيأتي قريبا وأخرج البخاري في المغازي أيضا من طريق خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان والناس صائم ومفطر فلما استوى على راحلته دعا باناء من لبن أو ماء فوضعه على راحلته ثم نظر الناس زاد في رواية أخرى من طريق طاوس عن ابن عباس ثم دعا بماء فشرب نهارا ليراه الناس وأخرجه الطحاوي من طريق أبى الأسود عن عكرمة أوضح من سياق خالد ولفظه فلما بلغ الكديد بلغه ان الناس يشق عليهم الصيام فدعا بقدح من لبن فأمسكه بيده حتى رآه الناس وهو على راحلته ثم شرب فأفطر فناوله رجل إلى جنبه فشرب ولمسلم من طريق الدراوردي عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر في هذا الحديث فقيل له ان الناس قد شق عليهم الصيام وانما ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر وله من وجه آخر عن جعفر ثم شرب فقيل له بعد ذلك ان بعض الناس قد صام فقال أولئك العصاة واستدل بهذا الحديث على تحتم الفطر في السفر ولا دلالة فيه كما سيأتي واستدل به على أن للمسافر أن يفطر في أثناء النهار ولو استهل رمضان في الحضر والحديث نص في الجواز إذ لا خلاف انه صلى الله عليه وسلم استهل رمضان في عام غزوة الفتح وهو بالمدينة ثم سافر في أثنائه ووقع في رواية ابن إسحاق في المغازي عن الزهري في حديث الباب انه خرج لعشر مضين من رمضان ووقع في مسلم من حديث أبي سعيد اختلاف من الرواة في ضبط ذلك والذي اتفق عليه أهل السير انه خرج في عاشر رمضان ودخل مكة لتسع عشرة ليلة خلت منه واستدل به على أن للمرء أن يفطر ولو نوى الصيام من الليل وأصبح صائما فله ان يفطر في أثناء النهار وهو قول الجمهور وقطع به أكثر الشافعية وفى وجه ليس له أن يفطر وكأن مستند قائله ما وقع في البويطي من تعليق القول به على صحة حديث ابن عباس هذا وهذا كله فيما لو نوى الصوم في السفر فأما لو نوى الصوم وهو مقيم ثم سافر في أثناء النهار فهل له أن يفطر في ذلك النهار منعه الجمهور وقال أحمد واسحق بالجواز واختاره المزنى محتجا بهذا الحديث فقيل له قال كذلك ظنا منه انه صلى الله عليه وسلم أفطر في اليوم الذي خرج فيه من المدينة وليس كذلك فان بين المدينة والكديد عدة أيام وقد وقع في البويطي مثل ما وقع عند المزنى فسلم المزنى وأبلغ من ذلك ما رواه ابن أبي شيبة والبيهقي عن أنس انه كان إذا أراد السفر يفطر في الحضر قبل أن يركب ثم لا فرق عند المجيزين في الفطر بكل مفطر وفرق أحمد في المشهور عنه بين الفطر بالجماع وغيره فمنعه من الجماع قال فلو جامع فعليه الكفارة الا ان أفطر بغير الجماع قبل الجماع واعترض بعض المانعين في أصل المسئلة فقال ليس في الحديث دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم نوى الصيام في ليلة اليوم الذي أفطر فيه فيحتمل أن يكون نوى أن يصبح مفطرا ثم أظهر الافطار ليفطر الناس لكن سياق الأحاديث ظاهر في أنه كان أصبح صائما ثم أفطر وقد روى ابن خزيمة وغيره من طريق أبى سلمة عن أبي هريرة قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران فأتى بطعام فقال لأبي بكر وعمر ادنو فكلا فقالا انا صائمان فقال اعملوا لصاحبيكم أرحلوا لصاحبيكم ادنو فكلا قال ابن خزيمة فيه دليل على أن للصائم في السفر الفطر بعد مضى بعض النهار * (تنبيه) * قال القابسي هذا الحديث من مرسلات الصحابة لان ابن عباس كان في هذه
(١٥٨)