أصاب ما نعلم لها من كسوة أوفق منه وروى أبو عروبة في الأوائل له عن الحسن قال أول من لبس الكعبة القباطي النبي صلى الله عليه وسلم وروى الفاكهي في كتاب مكة من طريق مسعر عن جسرة قال أصاب خالد بن جعفر بن كلاب لطيمة في الجاهلية فيها نمط من ديباج فأرسل به إلى الكعبة فنيط عليها فعلى هذا هو أول من كسى الكعبة الديباج وروى الدارقطني في المؤتلف أن أول من كسا الكعبة الديباج نتيلة (2) بنت جنان والدة العباس بن عبد المطلب كانت أضلت العباس صغيرا فنذرت إن وجدته أن تكسو الكعبة الديباج وذكر الزبير بن بكار أنها أضلت ابنها ضرار بن عبد المطلب شقيق العباس فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت فرده عليها رجل من جذام فكست الكعبة ثيابا بيضا وهذا محمول على تعدد القصة وحكى الأزرقي أن معاوية كساها الديباج والقباطي والحبرات فكانت تكسى الديباج يوم عاشوراء والقباطي في آخر رمضان فحصلنا في أول من كساها مطلقا على ثلاثة أقوال إسماعيل وعدنان وتبع وهو أسعد المذكور في الرواية الأولى ولا تعارض بين ما روي عنه أنه كساها الأنطاع والوصائل لأن الأزرقي حكى في كتاب مكة أي تبعا أرى في المنام أن يكسو الكعبة فكساها الأنطاع ثم أرى أن يكسوها فكساها الوصائل وهو ثياب حبرة من عصب اليمن ثم كساها الناس بعده في الجاهلية ويجمع بين الأقوال الثلاثة إن كانت ثابتة بأن إسماعيل أول من كساها مطلقا وأما تبع فأول من كساها ما ذكر وأما عدنان فلعله أول من كساها بعد إسماعيل وسيأتي في أوائل غزوة الفتح ما يشعر أنها كانت تكسى في رمضان وحصلنا في أول من كساها الديباج على ستة أقوال خالد أو نتيلة أو معاوية أو يزيد أو ابن الزبير أو الحجاج ويجمع بينها بأن كسوة خالد ونتيلة لم تشملها كلها وإنما كان فيما كساها شئ من الديباج وأما معاوية فلعله كساها في آخر خلافته فصادف ذلك خلافة ابنه يزيد وأما ابن الزبير فكأنه كساها ذلك بعد تجديد عمارتها فأوليته بذلك الاعتبار لكن لم يداوم على كسوتها الديباج فلما كساها الحجاج بأمر عبد الملك استمر ذلك فكأنه أول من داوم على كسوتها الديباج في كل سنة وقول ابن جريج أول من كساها ذلك عبد الملك يوافق القول الأخير فإن الحجاج إنما كساها بأمر عبد الملك وقول ابن إسحاق إن أبا بكر وعمر لم يكسيا الكعبة فيه نظر لما تقدم عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن عمر كان ينزعها كل سنة لكن يعارض ذلك ما حكاه الفاكهي عن بعض المكيين أن شيبة بن عثمان استأذن معاوية في تجريد الكعبة فأذن له فكان أول من جردها من الخلفاء وكانت كسوتها قبل ذلك تطرح عليها شيئا فوق شئ وقد تقدم سؤال شيبة لعائشة أنها تجتمع عندهم فتكثر وذكر الأزرقي أن أول من ظاهر الكعبة بين كسوتين عثمان بن عفان وذكر الفاكهي أن أول من كساها الديباج الأبيض المأمون بن الرشيد واستمر بعده وكسيت في أيام الفاطميين الديباج الأبيض وكساها محمد بن سبكتكين ديباجا أصفر وكساها الناصر العباسي ديباجا أخضر ثم كساها ديباجا أسود فاستمر إلى الآن ولم تزل الملوك يتداولون كسوتها إلى أن وقف عليها الصالح إسماعيل بن الناصر في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة قرية من نواحي القاهرة يقال لها بياسوس كان اشترى الثلثين منها من وكيل بيت المال ثم وقفها كلها على هذه الجهة فاستمر ولم تزل تكسى من هذا الوقف إلى سلطنة الملك المؤيد شيخ سلطان العصر
(٣٦٧)