السبب إلى المسبب، فمرض الموت أي المرض الذي يكون سببا وعلة للموت وهذا أيضا على قسمين، لأن السبب قد يكون سببا فعليا، وقد يكون شأنيا.
مثلا قد يكون الموت مستندا إليه، وليس للموت سبب وعلة أخرى بحيث لو لم يكن هذا المرض لم يمت، وأخرى يكون سبب آخر للموت من غرق أو حرق وإن كان المرض أيضا لو لم يكن ذلك السبب الآخر كان كافيا لوقوع الموت، ولكن بواسطة وجود ذلك السبب الآخر لم يبق مجال لتأثير المرض، كما أنه كان مبتلى بالسل في الدرجة الأخيرة التي ليست قابلة للعلاج، ولكن يتأخر موته سنة مثلا وفي الأثناء انهدمت الدار عليه ومات، فالمرض في هذا المثال سبب شأني للموت، والسبب الفعلي له انهدام الدار عليه.
ومنها: أن يكون المراد منه المرض الذي يتفق فيه الموت، وليس للمرض تأثير فيه أصلا، وذلك كما إذا كان مريضا قابلا للعلاج وفعلا مشغولة بالمعالجة، ولكن اتفق أنه مات بسبب آخر، كما أنه وقع من شاهق أو لدغه حيوان سام مثلا فمات بسببه.
وبناء على هذا التفسير - لمرض الموت - يكون من قبيل إضافة الظرف إلى مظروفه، كقولهم: سنة الوباء أو الطاعون أو القحط وأمثال ذلك أي المرض الذي يقع فيه الموت. وبناء على هذا التفسير الأخير لو كان مريضا وصدر منه تصرف منجز في ماله، كهبة أو وقف أو عتق ومات في أثناء ذلك المرض بسبب آخر، كلدغ حية مثلا، يكون داخلا في محل الخلاف، أي أنه يخرج من الأصل أو الثلث؟
ثم إنه قد تحصل أمارات الموت وليس بمريض أصلا، كما أنه لو صعب الولادة على المرأة حال الطلق وظهرت عليها أمارات الموت، فإن صدرت في هذه الحالة تبرعات منجزة من بذل مهرها لزوجها وأمثال ذلك، فهل داخل مثل هذا التبرع في محل الخلاف أم لا؟ أو كان في الحرب في محل يظن فيه التلف لوقوع رصاصة عليه، أو كان في السفينة المشرفة على الغرق في حال هيجان البحر وتلاطم الأمواج، ففي مثل