غنيا فيجب عليه أن يستعفف ويترك أموالهم ولا يأخذ منهم شيئا.
وخلاصة الكلام: أن الله تبارك وتعالى نهى القيم والوصي على اليتيم أن يأكلا من أمواله إسرافا وبدارا، أي متجاوزين عن القوت اللازم، ومسرعين في الأكل قبل أن يكبروا ويأخذوا المال من أيديهم.
ثم بين سبحانه وتعالى أن القيم والوصي الذان يحفظان أموال اليتامى، ويصلحان أمورهم وشؤونهم، وتستغرق أوقاتهم في تدبير شؤون أموال اليتامى ونفوسهم ولا يبقى للاشتغال لأنفسهم، إن كانوا أغنياء - أي يملكون قوت سنتهم، بل جميع نفقات سنتهم ونفقات عيالهم الواجبي النفقة عليهم - فيجب عليهم التعفف، وترك أكل أموالهم ولو كان قليلا. وأما إن كانوا فقيرا - أي لا يملكون ما ذكرنا من قوت سنتهم وقوت عيالهم الواجبي النفقة، بل مطلق نفقاتهم ونفقات عيالاتهم مقدار سنة كاملة - فيجوز لهم الأكل بالمعروف.
والمراد بالمعروف هو القوت المتعارف الذي هو الوسط بين البخل والإمساك، وبين التبذير والإسراف، أي أكلا متعارفا.
وقد روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل فليأكل بالمعروف قال: " المعروف هو القوت، وإنما عنى الوصي أو القيم في أموالهم ما يصلحهم ". (1) والظاهر أن مراده عليه السلام من القوت ما يقابل الكماليات والتجملات كما هو المصطلح في هذه الأزمان، لا الخبز فقط. والظاهر أنه لا فرق فيما ذكرنا في جواز الأكل إن كان فقيرا، وعدم جوازه إن كان غنيا بين أن يكونا منصوبا من قبل الأب أو من قبل الحاكم.