من اشتراط صحتها إلى قبض الموصى له، وسائر أحكام الهبة من جواز رجوع الوارث الواهب إلى عين الموهوبة لو لم يكن الموصى له من ذوي الأرحام، وغير ذلك من الأحكام.
والتحقيق في هذا الفرع موقوف على أن المقدار الزائد على الثلث هل ينتقل بالموت إلى الوارث، ثم منه بواسطة الإجازة ينتقل إلى الموصى له، فيكون ابتداء هبة يقينا، أم لا ينتقل إلى الوارث أصلا بل ينتقل إلى الموصى له، غاية الأمر للإجازة دخل في هذا الانتقال وبدونها لا ينتقل، لأنه للوارث حق الإجازة والرد؟
وبعبارة أخرى: يتلقى الموصى له الملك عن الموصى، والإجازة من قبيل إذن المرتهن في بيع الرهن إعمال حق من قبل المرتهن، وإلا فالمشتري يتلقى الملك من نفس البايع الراهن، فبناء على هذا ليست بهبة يقينا، لأن الموصى به ينتقل من الموصى إلى الموصى له، والإجازة تكون تنفيذا لفعل الموصى، لا أنها ابتداء هبة وعطية من المجيز.
ثم بعد وضوح هذه المقدمة، فالظاهر من أدلة الوصية كتابا وسنة أن مقدار الوصية لا تنتقل إلى الوارث، غاية الأمر إذا كانت زائدة على ثلث التركة انتقال الزائد إلى الموصى له مشروط بإجازة الوارث، وللوارث حق الإجازة والرد، فإذا أجاز تكون إجازته تنفيذا لفعل الموصى، لا أن إجازته ابتداء هبة وعطية من قبله كما توهمه بعض المخالفين، وإلا فالحكم عندنا إجماعي ولم يخالفه أحد منا فيه.
وها هنا تكلموا كثيرا في أن المستفاد من أدلة الوصية وأدلة الإرث - أي واحد من الأمرين - هل هو انتقال المال إلى الورثة بعد الموت أولا ثم بالإجازة تنتقل إلى الموصى له، أو ابتداء ينتقل إلى الموصى له بشرط الإجازة؟
والأدلة من الطرفين لكل واحد من القولين لا يخلو من نظر وإشكال، ولكن الظاهر تخصيص أدلة الإرث بأدلة الوصية كما تقدم منا.
وأيضا تكلموا كثيرا في الثمرات التي تترتب على كل واحد من القولين، مثلا لو