وثالثا: بأن الموصى به إما يكون للموصى لو برأ، وإما للورثة لو مات. فإن كان للموصى فقد أعطاه للموصى له بالوصية، وإن كان للورثة فقد أعطوه بالإجازة.
وفيه: أنه لا شك في أن المال للموصى ما دام روحه في جسده ولم يخرج، فالكلام في أن إجازة الورثة قبل أن يملكوا لها أثر أم لا؟
والظاهر أنه لولا هذه الأخبار كان مقتضى القواعد الأولية عدم تأثير إجازتهم في حال حياة الموصى، لعدم ارتباط المال بهم في ذلك الوقت إلا بنحو القضية الشرطية التي لم يوجد شرطه، مثل أن يقول: لو عقد على فلانة - مع اجتماع الشرائط المقررة في كتاب النكاح لصحة العقد ولترتب الأثر عليه - كانت تلك زوجة له، ومن المعلوم أنه مع عدم العقد لا ارتباط شرعا بينهما.
ورابعا: أن التعليق على الموت في الوصية ليس في الإنشاء، بل الإنشاء حاصل حال الوصية فعلا والمعلق هي الملكية المنشأة بهذا الإنشاء، فإنشاء الوصية قابل للقبول ولو قبل موته.
فكما أن القبول في العقود قبل حصول المنشأ بالإيجاب - إذ الملكية في البيع لا تحصل إلا بالقبول واجتماع الشرائط المعتبرة في الموجب والقابل والعوضين، والزوجية كذلك لا تحصل إلا بعد قبول الزوج، ولا ينافي ذلك قابلية الإيجاب للقبول، بل لا يعقل غير ذلك وإلا لا يحتاج إلى القبول أصلا - فكذلك في المقام وإن كان قبل موت الموصى لا تحصل ملكية الموصى به لا للموصى له ولا للورثة، ولكن إنشاء الملكية للموصى له وجد، وكذلك المنشأ بذلك الإنشاء.
غاية الأمر المنشأ هي الملكية المتأخرة، أي بعد وفاته، فهذه الملكية المتأخرة عن موته حيث أنه أوجدها الموصى في عالم الاعتبار، والإنشاء قابلة للإجازة والرد فإن قلنا بأن ردها لا أثر له فلدليل شرعي لا لعدم إمكانه، فمقتضى القاعدة تأثير الإجازة لولا دليل على عدم تأثيره، وحيث لا دليل على عدم تأثيره فتؤثر، فلو لم تكن هذه