عن الحكرة في الأمصار وهذه الأخبار كما دلت على النهي دلت على الحرمة. فروع: الأول: الاحتكار وهو حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن وقيل والملح فاما ما عدا ذلك فلا يتحقق فيه الاحتكار كالأدام والحلوى والعسل والزيت وأعلاف البهائم لان رسول الله صلى الله عليه وآله نهي عن الحكرة في الطعام فدل بمفهومه على إباحة ذلك في غيره وكان سعيد بن المسيب وهو راوي حديث الاحتكار يحتكر الزيت وكان يحتكر النوى والخيط والبرز ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال ليس الحكرة الا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن قد روى ابن بابوية عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه قال ليس الحكر الا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت ولان ما عدا الأقوات المذكورة مما لا نعلم الحاجة إليها وقد يستغنى عن أكثرها فلم يتحقق الحكرة كالثياب والحيوان. الثاني: قال ابن بابوية يتحقق الحكم بالزبيب عملا برواية غياث بن إبراهيم ولما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال وسألته عن الزيت فقال إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه ويدل بمفهومه على ثبوت الناس مع فقده عند غيره والرواية حسنة والأولى ضعيفة الا ان عمل أكثر أصحابنا على انتفاء الحكرة فيه. الثالث: قال الشيخ (ره) في المبسوط تثبت الاحتكار في الملح ولم يقف على حديث دال عليه ولعله نظر في ذلك إلى دعوى الحاجة إليه وامساس الضرورة له فصار كالطعام. الرابع: انما يثبت الاحتكار في الأقوات المذكورة إذا استبقاها للزيادة في الثمن اما لو استبقاها لاستعمالها لا حكرة فيه. الخامس: قال مالك والأوزاعي انما يثبت الاحتكار بشرط ان يشترط ولو جلب شيئا أو دخل في غلبة شيئا فأوجزه لم يكن محتكرا لقوله عليه السلام الجالب مرزوق المحتكر ملعون ولان الجالب لا يضيق على أحد ولا يضربه بل ربما ينفع فان الناس إذا علموا ان عنده طعاما بعد البيع كان ذلك معونا لقلوبهم على الصبر وأولى لهم من عدمه ويؤيده ذلك ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال الحكرة ان يمسك الطعام ليس في المصر غيره فيحتكره. السادس: انما يتحقق الاحتكار المحرم أو المكروه على اختلاف الرأيين عند احتياج الناس إلى الطعام وعدم الباذل والبايع سواء المحتكر فمتى تحقق الامام ذلك جبره على البيع وقال الشيخ (ره) في النهاية حده في الرخص أربعين يوما وفي الشدة أو البلاء ثلاثة أيام لما رواه الشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال الحكرة في الحصب أربعين يوما وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام فما زاد على أربعين يوما في الحصب وصاحب ملعون وما زاد على العشرة على ثلاثة أيام فصاحبه ملعون لنا ما ورآه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال الحكرة ان يمسك طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره فإن كان في المصر طعام أو يباع فلا بأس ان يلتمس بسلعته الفضل وعن صفوان عن أبي الفضل سلم الخياط قال قال أبو عبد الله عليه السلام ما عملك قلت خياط وربما قدمت على انفاق و ربما قدمت على كساد فجلست قال فما يقول من قبلك فيه قلت يقولون محتكر قال يبيعه أحد غيرك قلت ما أبيع من الف جزاء قال لا بأس انما كان ذلك رجل من قريش يقال له حكيم بن حزام إياك ان يحتكر. السابع: على الامام ان يجبر المحتكرين على البيع وليس له ان يجبرهم على التسعير بل يتركهم يبيعون كيف شاؤوا وبه قال أكثر العلماء وهو مذهب الشافعي وقال المفيد وسلار رحمهما الله للامام ان يسعر عليهم فيسعر بسعر البلد وبه قال مالك لنا ما رواه الجمهور عن انس قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله غلا السعر وسعر لنا فقال إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق واني أرجو ان القى عز وجل وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال فترك اجابتهم إلى التسعير مع تعليله عليه السلام بالظلم دال على أنه ليس له ذلك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الله بن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال فقد الطعام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فاتاه المسلمون فقالوا يا رسول الله قد فقد الطعام ولم يبق شئ منه الا عند فلان فمره يبع قال فحمد الله وا ثنى عليه ثم قال يا فلان ان المسلمين ذكروا ان الطعام قد فقد الا شيئا عندك فأخرجه وبعه كيف شئت ولا تحبسه وعن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في تجار قدموا أرضا اشتركوا على أن لا يبيعوا بيعهم الا بما أحبوا قال لا بأس بذلك وعن عبد الله بن حمزة عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله انه مر بالمحتكرين فامر بحركتهم ان يخرج إلى بطون الأسواق وحيث ينظر الابصار إليها فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله الوقوت عليهم فغضب عليه السلام حتى غرف ذلك الغضب في وجهه فقال انا أقوم عليهم انما الشعر إلى الله عز وجل يرفعه إذا شاء و يحفظه إذا شاء وروى ابن بابوية عن النبي صلى الله عليه وآله انه قيل له لو سعرت لنا سعر قال الأسعار تزيد وتنقص فقال عليه السلام ما كنت لألقي الله ببدعة لم يحدث التي فيها شيئا فدعوا عباد الله يأكل بعضهم من بعض وإذا استنصحتم فانصحوا له ولان الأصل تحريم نقل مال الغير عنه بغير اذنه ولأنه مال فلم يجز منعه من بيعه بما تراضيا عليه ولان فيه مفسدة لأنه ربما سمع الجالب بذلك فلا يقدم بسلعته وربما سمع صاحب البضاعة بالاكراه على التسعير فحبس ماله عنده وكتمه فيحصل الاضرار بالجانبين جانب المالك في منع بيع سلعته وجانب أهل البلد في منع الجلب إليهم احتجوا بان في ذلك اضرار بالناس فساغ التسعير لقوله عليه السلام لا ضرر ولا ضرار بان عمر مر بحاطب في
(١٠٠٧)