لقتالهم الرجوع إلى امر الله فيثبت التحريم بعدهما ولان المفضي لإباحة القتل هو الخروج عن طاعة الامام فان عادوا إلى الطاعة عدم المقتضى ولا نعلم فيه خلافا وكذلك ان ألقوا السلاح وتركوا القتال اما لو انهزموا فإنه يجب قتالهم ان كان لهم فيه يرجعون إليها. مسئلة: قد بينا ان الخوارج يعتقدون تكفير من أتى بكبيرة فإذا قوم ذلك واعتقدوا مذهبهم وطعنوا في الأئمة ولم يصلوا معهم وامتنعوا من الجماعات وقالوا لا نصلي خلف امام الا انهم في قبضة الامام ولم يخرجوا عن طاعته فإنه لا يجوز قتلهم بمجرد ذلك ولم يكونوا بغاة ما داموا في قبضة الامام لما روي أن عليا عليه السلام بينما يخطب إذ سمع مناديا ينادي من ناحية المسجد لا حكم الا لله كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاث لا يمنعكم مساجد الله ان تذكروه فيها اسم الله ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم مع أيدينا ولا نبد لكم بقتال ولم يزد هذا وروى الشيخ ان ابن ملجم لعنه الله أتى الكوفة لقتل علي عليه السلام فظن به فاتي به إلى علي عليه السلام فقيل له انه يريد قتلك فقال علي عليه السلام لا اقتل قبل أن يقتلني ولأنهم إذا كانوا في قبضه الامام يظهرون الاسلام لم يجز ان يؤاخذوا مواطنهم كالمنافقين في زمن النبي صلى الله عليه وآله لما أظهروا الاسلام لم يؤاخذهم بباطنهم فإذا تقرر انهم لا يقتلون ما داموا في قبضة الامام فان بعث الامام إليهم واليا فقتلوه أو قتلوا صاحبا للامام غير الوالي فعليهم القود لما روى أن عليا عليه السلام لما بعث عبد الله بن حباب عاملا على الخوارج بالنهروان فقتلوه فأرسل إليهم ادفعوا إلينا قاتله لنقلته فلم يفعلوا وقالوا كلنا قتله فقال استسلموا نحكم عليكم فأبوا فسار إليهم فقاتلهم أو تاب أكثرهم إذا ثبت انه يقتل قصاصا فهل يتحتم القصاص للشافعي وجهان أحدهما انه يتحتم لأنهم وان كانوا معه في البلد فقد شهروا السلاح معاندين فقتلوه بهم كقطاع الطريق وهذا مذهبنا أيضا والثاني لا يتحتم ولولي الدم ان يعفوا عن القتل لأنهم لم يقصدوا بذلك حافة الطريق واخذ الأموال فأشبه من قتل رجلا منفردا. مسألة: لو استعان أهل البغي بنسائهم وصبيانهم وعبيدهم في القتل وقاتلوا معهم أهل العدل قوتلوا مع الرجال وان ابا القتل عليهم لان العادل يقصد بقتاله الدفع عن نفسه وماله زادت امرأة أو صبي قتل انسان كان له قتالهما ودفعهما عن نفسه وان أتى على نفسهما كما قلنا في نساء أهل الحرب وصبيانهم. مسألة: ولو استعان أهل الغي بالمشركين ولم يخل الحال من ثلاثة أحدها ان يستعينوا بالحرب والثاني ان يستعينوا باهل الذمة الثالث ان يستعينوا بالمستأمنين فان استعانوا باهل الحرب وعقدوا لهم ذمة أو أمانا على هذا فان ما فعلوا باطل ولا ينعقد لهم أمان ولا يثبت لهم ذمة لان من شروط صحة عقد الذمة والأمان ان يبذلوا الجزية ويجرى عليهم احكام المسلمين ولا يجتمعوا على قتال المسلمين فإذا كان شرط صحة عقد الذمة الامتناع من قتال المسلمين بطل عقد الذمة ولأنه عقد لهم عقد ذمة مؤبدة فقاتلوا المسلمين انتقض عهدهم فبان لا يثبت لهم ذمة بهذا لشرط أولى إذا ثبت هذا فان الامام وأهل العدل يقتلون المشركين مقبلين ومدبرين كالمنفردين من أهل البغي وإذا وقعوا في الأسر تخير الامام فيهم بين المن والفداء والاسترقاق والنقل وليس لأهل البغي ان يتعرضوا لهم قال الشيخ رحمه الله من حيث إنهم بذلوا لهم الامام وان كان فاسدا لزمهم الكف عنهم بسكونهم إليهم واعتمادهم على قولهم لا من حيث إن أمانهم صحيح واما ان استعانوا باهل الذمة فعاونوهم وقاتلوا معهم فان الامام يراسلهم ويسألهم عن فعلهم فإذا ادعوا الشبهة المحتملة بان يقولوا جهلنا ذلك واعتقدنا ان الطايفة من المسلمين إذا طلبوا المعونة جازت معونتهم وادعوا الاكراه على ذلك فان ذمتهم باقية ويقبل قولهم ولم يكن ذلك نقضا للعهد وإن لم يدعوا شيئا من ذلك فكذا إذا قاتلوا مع أهل البغي احتج الشافعي بان أهل الذمة لا يعلمون الحق من الباطل فيكون ذلك شبهة لهم والجواب ان أهل الذمة يعتقدون بطلان الطائفتين قال أبو إسحاق المروزي القولان نوعا على التقدير انه لم يكن قد شرط عليهم في عقد الذمة الكف عن القتال مطلقا فاما إذا شرط عليهم ذلك نطقا فان قتالهم يكون نقضا قولا واحدا وهذا أيضا باطل لأنها قد بينا ان شرايط الذمة كف الأذى عن المسلمين إذا ثبت هذا فانا بمجرد قتالهم مع أهل البغي من غير شبهة يجوز لنا قتالهم مقبلين ومدبرين ولو تلفوا أموالا وأنفسا ضمنوها عندنا اما الشافعي في أحد قوليه فإنه لا يجعل القتال نقضا لهم فيكون حكمهم حكم أهل البغي في قتالهم مقبلين لا مدبرين واما ضمان الأموال فان أهل الذمة يضمنونها عنده قولا واحدا واما أهل البغي فعنده قولان وفرق بينهما بأمرين أحدهما ان أهل البغي لهم شبهة ولا شبهة لأهل الذمة الثاني ان أهل البغي أسقطنا عنهم الضمان في أحد القولين فلا يحصل لهم نفرة عند الرجوع إلى الحق واما أهل الذمة فلا بتحقق هذا المعنى فيهم وعندنا نحن ان أهل الذمة وأهل البغي سواء في وجوب الضمان واما ان استعانوا بالمستأمنين فان اما نتهم ينتقض وصاروا بمثابة أهل الحرب الذين لا أمان لهم إذا قاتلوا معهم ولو ا دعوا الاكراه قبل منهم بالبينة ولا يقبل بمجرد قولهم ودعواهم بخلاف أهل الذمة لان ا لذمة أقوى حكما ولهذا جوزنا له ان يبد العقد لأهل العهد مع خوف الخيانة دون ا لذمة ولان الامام يلزمه ان يدفع عن أهل الذمة ولا يلزمه الدفع عن ذي العهد الموقف مسألة: وللامام ان يستعين باهل الذمة على حرب أهل البغي وبه قال أصحاب الرأي وقال الشيخ رحمه الله في المبسوط ليس له ذلك وهو خلاف ما عليه أصحاب الرأي وانما صار في هذا إلى تجريح الشافعي فإنه منع من ذلكم قال لان أهل الذمة يجوزون قبل أهل البغي مقبلين ومدبرين وذلك لا يجوز وهو ممنوع على ما يأتي من تفصيل ا لكلام فيه اما لو استعان من المسلمين لمن ترى قتلهم مقبلين ومدبرين في موضع
(٩٨٥)