اجماعا ولم يكونوا نصبوا إماما ولأنه تعالى أوجب قتالهم فلم يشترط نصب الإمام. مسألة: والإمامة يثبت عندنا بالنص وليس الطريق إليها الاختيار ولا الاجماع بل لا يثبت الا بالنص من النبي صلى الله عليه وآله كما نص على علي صلى الله عليه وآله والأئمة من ولده الأحد عشر وقد بينا ذلك في علم الكلام إذا ثبت هذا فكل من خرج على امام تثبت إمامته بالنص عندنا والاختيار عند الجمهور وجب قتاله اجماعا وانما وجب قتاله بعد البعث إليه والسؤال عن سبب خروجه وايضاح ما عرض له من الشبهة وحلها له وكشف الصواب الا ان يخاف كلهم ولا يمكنه ذلك في حقهم أما إذا أمكنه تعريفهم وجب عليه ان يعرفهم فإذا عرفهم فان رجعوا فلا بحث وإن لم يرجعوا قاتلهم لان الله تعالى امر بالصلح قبل الامر بالقتال فقال فأصلحوا بينهما ولان القصد كفهم ودفع شرهم فإذا أمكن بمجرد القول كان أولى من القتال لما فيه من الضرر بالفريقين وروى أن عليا عليه السلام لما أراد قتال الخوارج بعث إليهم عبد الله بن عباس يناظرهم فليس حلة حسنة ومضى إليهم فقال هذا علي بن أبي طالب عليه السلام ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وزوج فاطمة الزهراء عليها السلام وقد عرفتم فضله فما تنقمون منه قالوا ثلاثا ان حكم في دين الله تعالى وقل لم يسب فاما ان يقتل ويسب أو لا يقبل ولا يسب إذا خرجت أموالهم حرمت دماؤهم والثالث محي اسمه من الخلافة فقال ابن عباس ان خرج عنها رجعتم إليه قالوا نعم قال ابن عباس اما قولكم حكم في دين الله يغنون لحكمي بينه وبين معاوية وقد حكم الله في الدين فقال وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها وقال يحكم به ذوا عدل منكم فحكم في أرنب قيمته درهم فبان يحكم في هذا الامر العظيم أولى فرجعوا عن هذا قال واما قولكم كيف قتل ولم يسب فإنكم لو كان معه فوقع في سهمه عايشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وكيف يصنع وقد قال الله تعالى ولا تنكحوا أزواجه من بعده ابدا قالوا رجعنا عن هذا قال وقولهم محى اسمه من الخلافة يعنون انه لما وقعت الواقعة بينه وبين معاوية كتب بينهم هذا ما وقف عليه أمير المؤمنين عليه السلام معاوية قالوا لو كنت أمير المؤمنين ما نازعناك فمحى اسمه من الخلافة فقد محى رسول الله صلى الله عليه وآله اسمه من النبوة لما قاضي سهيل بن عمرو بالحديبية كتب كتاب علي عليه السلام هذا ما قضى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله سهيل بن عمرو فقالوا لو كنت نيبا ما خالفناك فقال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام امحه فلم يفعل فقال لعلي عليه السلام أرنيه فأراه إياه فمحاه النبي صلى الله عليه وآله بإصبعه فرجع بعضهم وبقي منهم أربعة آلاف لم يرجعوا فقاتلهم علي عليه السلام فقتلهم فيثبت انه لا يبدون بالقتال حتى يعرض عليهم الإجابة كمن لم يبلغه الدعوة. مسألة: الخوارج هم الذين يكفرون بالدين ويعتقدون ان من فعل كبيرة مثل شرب الخمر والزنا والقذف فقد كفر وصار مخلدا بالنار ويكفرون عليا عليه السلام وعثمان وطلحة والزبير وكثير من الصحابة ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم لان من خرج معهم فهؤلاء بغاة حكمهم حكم البغاة قاله أكثر الجمهور كأبي حنيفة والشافعي وجمهور الفقهاء وكثير من أهل الحديث ومالك يرى استتابهم فان تابوا والا قتلوا على افسادهم لا على كفرهم وذهب جماعة من أهل الحديث إلى انهم كفار مرتدون حكمهم حكم المرتدين يباح دمائهم وأموالهم فان تخيروا في مكان وكانت منعة وشوكة صاروا أهل حرب كساير الكفار وان كانوا في قبضة الامام استتابهم كاستتابة المرتدين فان تابوا والا ضربت أعناقهم وكانت أموالهم فيئ لا يرثهم ذريتهم المسلمون لما روى أبو سعيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يخرج قوم يحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم يقرئون القران لا يجاوز حناجرهم يمرقون من ا لدين كما يمرق السهم من الرمية نظر في الفصل فلا يرى شيئا وينظر في الريش ويتمادى في الفوق وفي حديث اخر يخرج قوم في اخر الزمان احداث الانسان سفهاء الأحلام يقولون من خير قوم البرية يقرؤن القران لا يتجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأين ما لقيتهم فاقتلهم فان قتلهم اجر لمن قتلهم يوم القيامة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله الخوارج كلاب أهل النار وعنه عليه السلام قال هم شر الخلق والخليقة لان أدركهم لأقتلنهم قتل عاد وقال لا يجاوز ايمانهم حناجرهم وقال علي عليه السلام في قوله تعالى هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا قال هم أهل النهروان واحتج الآخرون بان عليا عليه السلام لما قاتل أهل النهروان قال لأصحابه لا تبدوهم بالقتال وبعث إليهم أقيدونا بعبد الله بن حباب قالوا كلنا قبله فحينئذ استحل قتالهم لإقرارهم بما يوجب القتل ونقل ابن عبد البر عن علي عليه السلام انه سئل عن أهل النهر أكفار هم قال من الكفر فروا وقال فمنافقون فقال إن المنافقين لا يذكرون الله الا قليلا قيل فما هم قال هم قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا وبغوا علينا وقاتلونا فقتلناهم ولما جرحه ابن ملجم لعنه الله قال للحسن عليه السلام أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره فان عشت فانا أولى بدمي وان مت فضربة كضربتي وقد روى الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال ذكرت الحروب عند علي عليه السلام قال لما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من أهل النهروان قال لا يقاتلهم أحد بعدي الا من أولى بالحق منه. مسألة: ويجب القتال لأهل البغي على كل من دينه ندبه الامام بقتالهم عموما أو خصوصا أو من نصبه الامام والتأخير عن قتالهم كبيرة وهو واجب على الكفار إذا قام به البعض سقط عن الباقين ما لم يستنهضه الامام على التعيين فيجب عليه ولا يكفيه قيام غيره كما قلنا في جهاد المشركين والفرار في حربهم كالفرار في حرب المشركين ويجب مضاربتهم حتى يفيئوا إلى الحق ويرجعوا إلى طاعة الامام أو يقتلوا بلا خلاف في ذلك فإذا فاؤا حرم قتالهم لقوله تعالى حتى تفيئ إلى امر الله جعل عامة الإباحة
(٩٨٤)