فينظر الامام قوتهم واما لرجاء الاسلام من المشركين واما لبذل الجزية منهم والتزام احكام الاسلام اما لو لم يكن لمصلحة للمسلمين في س المهادنة بان بان يكون في المسلمين قوة وفي المشركين ضعف ويخشى قوتهم واجتماعهم إن لم يبادروهم بالقتال فإنه له مهادنتهم والحال هذه لوجود الضرر للمسلمين ولا نعلم فيه خلافا. مسألة: إذا اقتضت المصلحة مهادنتهم وجب ذكر المدة التي يهادنهم عليها ولا يجوز له مهادنتهم مطلقا لان الاطلاق يقتضي التأييد و التأييد باطل لان الشرط الامام الخيار لنفسه في النقص متى يشاء على ما يأتي من الخلاف وكذا لا يجوز إلى مدة مجهولة وإذا شرط مدة معلومة لم يجز ان يشترط نقضها لمن شاء منها لأنه يقضي إلى ضد المقصود وهل يجوز ان يشترط للامام لنفسه دونهم قال الشيخ رحمه الله يجوز ذلك وبه قال ابن الجنيد و الشافعي وقال بعض الجمهور لا يجوز لنا ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه لما فتح خيبر عنوة بقي حصن منها فصالحوه على أن يقرهم ما أقر الله تعالى ففعل وفي رواية انه عليه السلام قال لهم نقركم ما شئنا ولأنه عقد شرع لمصلحة المسلمين فيتبع مظن المصلحة احتج المخالف بأنه عقد لازم فلا يجوز اشتراطه بعضه كالبيع والجواب المنع من الحكم في الأصل والملازمة فان العقود اللازمة يدخلها الخيار عندنا على ما يأتي وهذا نوع من الخيار إذا ثبت هذا فان الامام لو شرط لهم ان يقرهم ما أقرهم الله تعالى لم يجز الانقطاع الوصي بعد النبي صلى الله عليه وآله ويجوز له ان يشترط ان يقرهم على ما شاء وتعلقه باختياره لأنه في معنى ذلك إذا عرفت هذا فلا فرق بين ان يطلق المدة بهذا الشرط وبين ان يعينها ويشترط أيضا في الجواز. مسألة: إذا اقتضت المصلحة المهادنة وكان في المسلمين قوة لم يجز للامام ان يهادنهم أكثر من سنة اجماعا لقوله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وهو عام الا ما خصه الدليل وقال تعالى ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم مقتضاه النهي عن ابتداء المسألة عن المراد عليه السلام الا انا خصصنا ما دون السنة لأدلة فيبقى الباقي على العموم إذا عرفت هذا فإنه يجوز له ان يهادنهم أربعة أشهر فما دون اجماعا قال الله تعالى براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض الربعة أشهر وكان في ذلك في أقوى ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله عند منصرفه من ترك وصالح صفوان بعد الفتح أربعة أشهر إذا ثبت هذا فلو صالحهم مع قوة المسلمين أكثر من أربعة أشهر وأقل من سنة فيه تردد قال الشيخ رحمه الله الظاهر أنه لا يجوز وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني الجواز احتج الشيخ بعدم الامر بالقتال في قوله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين خرج منه أربعة أشهر لتخصيص القران لها فيبقى الباقي على العموم احتج الشافعي بان المدة قصرت عن أقل الجزية فجاز العقد فيها كالأربعة الأشهر وعندي ان المصلحة إذا اقتضت ذلك جاز وا لا فلا. مسألة: ولو لم يكن في المسلمين قوة واقتضت المصلحة مهادنتهم أكثر من سنة لمكيدة ويتأتى فيها باعداد عدو يتقوى بها (لو بينا) استهزم؟؟ أو ليفزع لعدو هو أشد بكائه على المسلمين من الذي يهادنه إذا كان بالمسلمين قلة وبالمشركين كثرة لا يمكنهم مقاومتهم فإنه يسوغ والحال هذه ان يصالحهم على الموادعة أكثر من سنة اجماعا وهل يتقدر الزايد بقدر ما قال الشيخ وابن الجنيد بتقدر بعشر سنين فلا يجوز الزيادة عليها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة واحمد يجوز ذلك على ما يراه الامام احتج الشيخ رحمه الله بعموم قوله تعالى اقتلوا المشركين خرج منهم العشر السنين بمصالحة النبي صلى الله عليه وآله لأنه عليه السلام جاء إلى المدينة ليعتمر لا ليقاتل وكان بمكة مسلمون مستضعفون فهادنهم حتى أظهر بمكة اسلامه وكثر المسلمون فيهم فيبقى الباقي على العموم وقال الشعبي لم يكن في الاسلام فتح مثل صلح المدينة احتج أبو حنيفة بان عندي يجوز في العشر فجاز في الزيادة عليها كعقد الإجارة ولأنه صالح مفوض إلى نظر الامام فلا ينعقد بالعشر كأداء الخراج إذا صالحهم عليه على غير مدة ولان المقتضي لتخصيص العموم في العشر وهو اعتبار المصلحة في الصلح هو جعله في الأكثر فكان الحكم ثابتا وقول أبي حنيفة عندي قوى. مسألة: لو صالحهم أكثر من عشر سمنين فان قلنا بصحة العقد فلا يجب وان قلنا بعد م جواز الزايد على العشر بطل الزايد خاصة وصح في العشر وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني بطلان العقد في العشر أيضا بناء على تفريق الصفقة والشيخ رحمه الله وابن الجنيد ذهبا إلى الأول. مسألة: إذا أراد الحربي ان يدخل دار الاسلام رسولا أو مستأمنا فإن كان لقضاء حاجة من نقل ميرة أو تجارة أو أداء رسالة يحتاج إليها فإنه يجوز للامام ان يأذن له في الدخول بغير عرض أو بعوض على ما يراه من المصلحة يوم أو يومين أو ثلاثة وقال الشيخ رحمه الله وان أراد يقيم مدة فالحكم فيه كالحكم في الامام إذا أراد أن يعقد الهدنة وهو مستظهر لان في ذلك نظر للمسلمين ومصلحة لهم فيجوز إلى أربعة أشهر بلا زيادة وعندي انه يجوز إلى ستة بعوض وأكثر نظرا إلى المصلحة. مسألة: والهدنة ليست واجبة على كل تقدير سواء كان بالمسلمين قوة أو ضعف لكنها جايزة لقوله تعالى وان جنحوا للسلم فاجنح لها وللآيات المتقدمة بل المسلم يتخير في فعل ذلك برخصة ما تقدم وبقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وان شاء قاتل حتى يلقى الله شهيدا بقوله تعالى وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم وبقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة وكذلك فعل سيدنا الحسين عليه السلام؟ والنفر الذين وجههم النبي صلى الله عليه وآله إلى هذيل وكانوا عشرة فقاتلوا مئة حتى قتلوا ولم يغلب منهم أحد الا حبيب فإنه أسر واقبل بمكة وهادن رسول الله
(٩٧٤)