لهم علي عليه السلام ان هذه المكيدة وحيلة فلم تقتلوا وقالوا كيف نقاتل قوما يدعوننا إلى العمل بكتاب الله تعالى وقالوا ان ساعدتنا والا قاتلناك فساعدهم علي عليه السلام على ذلك مكرها واتفقوا على أن يبعثوا حكما من عندهم وحكما من عند معاوية وكان علي عليه السلام يعرف انه حيلة وكان لا يرضى بذلك حلا اجتمع أصحابه وقال لا بد ان ينفق عليهم فوافقهم على ذلك ضرورة وكرها لا طوعا ورضاء فبعث معاوية عمرو بن العاص وكان رأى علي عليه السلام ان يبعث ابن عباس رحمه الله لأنه قيل له انك رميت بداهية يعني عمرو بن العاص فابعث ابن عباس فإنه لا يعقد عقدة الا حلها ابن عباس فأبى أهل اليمن وقالوا لا نحكم الا أبو موسى الأشعري واتفقوا عليه واكرهوا عليا عليه السلام على ذلك فلما اجتمعا تشاورا وتدبرا واتفقا على أن يعزلا هذين ويترك الامر شورى وليسكن الفتنة فلما اتفقا على ذلك قال عمرو لأبي موسى الأشعري انك أكبر سنا فاصعد على المنبر واعزل عليا عليه السلام عن الامارة فصعد وحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال إن هذه الفتنة قد طالت والصواب ان يعزل عليا عليه السلام ومعاوية عن هذا الامر ويقلده غيرهما ثم اخرج خاتمة من إصبعه وقال قد أخرجت عليا عليه السلام من هذا الامر كما أخرجت هذا الخاتم من هذا الإصبع ونزل ثم صعد عمرو المنبر وحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال إني أدخلت معاوية في هذا الامر كما أدخلت هذا الخاتم في هذا الإصبع فقال أبو موسى الغدر الغدر فوقع التشويش بين المسلمين فقال طائفة الخوارج انا قد ارتددنا حيث جعلناك الحكم في أيديهما والله يقول إن الحكم إلا لله قبلنا ورجعنا عن ذلك إلى الاسلام وقالوا لعلي عليه السلام انك قد ارتددت حيث تركت حكم الله تعالى واحدث بحكم الحكم وخرج علي عليه السلام عامة أصحابه وكان مذهب الخوارج مبناه على تكفير كل مذهب. مسألة: ولو كان مع أهل البغي لا يقاتل قال بعض الجمهور لا يجوز قتله من غير حاجة لقوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم وللإجماع على تحريم قتل المسلم وانما خص من ذلك من حصل لسنة الضرورة في قتله كاهل البغي والقبايل فينبغي ما عداه على العموم ولهذا حرم قتل مدبرهم وأسيرهم ولأنه مسلم لم يحتج ا لي دفعه ولا صدر منه أحد الثلاثة فلا يحل دمه لقوله عليه السلام لا يحل دم امرء مسلم الا بإحدى ثلاثة وقال أصحاب الشافعي في إحدى الوجهتين يجوز لان عليا عليه السلام نهى أصحابه عن قتل محمد بن طلحة وقال عليه السلام إياكم وصاحب البراق وكان حامل راية أبيه فقتله رجل وانشاء يقول . شعر: (وأشعث قوام بآيات ربه) (قليل الأذى فيما ترى العين مسلم): (هتكت له بالرمح جيب قميصه) (فخر صريعا لليدين وللقسم) : (على غير شئ ان ليس تابعا) (عليا ومن لم يتبع الحق ظلم): (يناشد لي خيم والرمح شاجر) (فهلا بلا حميم قبل التقدم) (لم يكن يقاتل فلم ينكر علي): (على قتله لأنه صار لهم) مسألة: إذا غلب أهل البغي على بلد فجبوا الصدقات واخذوا الجزية واستفادوا الخراج قال الشافعي وأبو ثور من أصحاب الرأي يقع ذلك موقعه فإذا أظهر أهل العدل بعد ذلك عليه لم يكن لهم مطالبتهم بإعادة ذلك ومذهبنا انه لا يقبل وقفه غير أن الامام ان يخير ذلك لنا انهم اخذوه ظلما وعدوانا ولا يتعين في ايراد منهم كما لو غصبوهم مالا غير الجزية والصدقات ولان الخراج ثمن أو أجرة والجزية عوض عن المساكنة وحقن الدم فلا يخرجون عن العهدة بتسليمها إلى غير المستحق كمن دفع أجرة دار إلى غير المالك احتجوا بان عليا عليه السلام لما ظهر على البصرة لم يطالب بشئ مما جبره والجواب انا قد بينا للامام إجارة ذلك للضرورة والمشقة الحاصلة بالعود عليهم لأنه لو اخذ منهم مرة أخرى أدى ذلك إلى الاضرار بالناس فلهذا أجاز علي عليه السلام ذلك خصوصا إذا أقاموا في البلاد سنين كثيرة واما الحدود فإذا أقاموها قال الشيخ رحمه الله لا يعاد عليهم مرة أخرى للمشقة في ذلك. مسألة: إذا زالت أيدي أهل البغي عن البلد وملكه أهل العدل فطالبهم العادل بالصدقات فذكروا انهم استوفوا منهم فان لم يجز الامام ذلك طالبهم مرة ثانية وان اجازه فهل يقبل قولهم بغير بينة فيه اشكال أقربه القبول لأنا قد بينا في كتاب الزكاة ان رب المالك إذا ادعى ان زكاته قبضت من قبل قوله مؤهل يحتاج إلى اليمين قال بعض الشافعية لا بد من اليمين وجوبا لأنه مدع لا يثبت دعواه بمجرد قوله وتكليف البينة مشقة فامتنع باليمين وقال بعضهم يحلف استحبابا لأنه لو ادعى الاخراج ببينة قبل فكذا هنا وقال آخرون إذا ادعى خلاف الظاهر بان يدعي أنه قد باع النصاب في أثناء الحول ثم اشتراه فيه أو قال قد اخذ الزكاة مني ساع فتلك فإنه يحلف وجوبا وان ادعى ما يوافق الظاهر بان يقول لم تحل الحول على مالي حلف استحبابا والوجه عندي في ذلك كله قبول قوله كما قلنا في باب الزكاة فان قلنا بالأحلاف وجوبا فان حلف سقط الدعوى وان اخذت الزكاة منه لا بالنكول بل مظاهر الوجوب عليه وعندنا لا يمين عليه بحال وقد سلف اما لو ادعوا أداء الحاج قال الشيخ رحمه الله لا يقبل قولهم في ذلك بخلاف الزكاة لأنها تجب على سبيل المواساة وأدائها عبادة فلهذا قبل قولهم في أدائها واما الخراج فإنه معاوضة لأنه ثمن أو أجرة فلم يقبل قولهم في أدائه كغيره من المعاوضات ولو ادعى أهل الذمة أداء الجزية إلى أهل البغي قاضيا لم ينفذ قضاؤه مطلقا سواء حكم بحق أو بباطل لأنه فاسق بمجرد التولية ممن ليس له ذلك والعدالة عندنا شرط في القضاء سواء كان القاضي من أهل البغي أو من أهل العدل وقال أبو حنيفة ان كان من أهل العدل فقد قضاؤه وان كان من أهل البغي لم ينفذ وقال الشافعي ينفذ مطلقا سواء كان من أهل البغي أو من أهل العدل إذا كان ممن لا يستحل دماء أهل العدل ولا أموالهم وان كان ممن يستحل ذلك لم ينفذ حكمه اجماعا لنا انه ليس من أهل العدالة فلا تثبت له ولاية شرعية إذا ثبت هذا فإذا حكم
(٩٨٩)