استيطانا قاله الشيخ رحمه الله وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يجوز له دخول الحرم والإقامة فيه مقام المسافر ولا يستوطنوه قال ويجوز لهم دخول الكعبة قوله تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام والمراد بذلك الحرم لقوله تعالى وان خفتم عيلة يريد (صرايبا صر)؟؟ الحرب دون المسجد ولقوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وانما أسرى به من بيت أم هاني من خارج المسجد احتج أبو حنيفة بان المنع من الاستيطان لا يمنع الدخول والتصرف كالحجاز والجواب لم يستدل يمنع استيطان الحجاز على المنع من حول الحرم بل استدللنا بالآية على أن الفرق واقع فان الله تعالى منع من الدخول إلى الحرم مع الأذان في الحجاز فان هذه الآية نزلت واليهود بخيبر والمدينة وغيرهما من الحجاز ولم يمنعوا من الإقامة فيه لا بعد ذلك ولان الحرم أشرف من غيره من ارض الحجاز لتعلق النسك به وان تحريم صيده وشجره والملتجي إليه فلا يتم القياس إذا ثبت هذا فان قدم ثمره لأهل الحرم منع من الدخول وان أراد أهل الحرم الشراء منه خرجوا إلى الحل ويبايعوا فيه ولو جاء رسولا إلى الامام بعث إليه من يسمع رسالته ويخرج بها الامام ولو منع من أداء الرسالة الا مشافهة خرج إليه الامام من الحرم ليسمع كلامه ولا يأذن له في الدخول ولو دخل الحرم بغير إذن الإمام عالما بعدم جوازه عزره الامام وان كان جاهلا عذره فان عاد عزره فان عرض في الحرم نقله منه ولو مات لم يدفنه فيه بخلاف الحجاز لحرمة الحرم عليه فان دفن في الحرم قال الشيخ رحمه الله لا ينبش وترك على حاله لان المنع من النبش ورد عاما وقال الشافعي ينبش ويخرج إلى الحل الا ان ينقطع فان يقطع فات اخراجه فتعذر فرع: لو صالحهم الامام على دخول الحرم بعوض قال الشيخ رحمه الله جاز له ذلك ووجب عليه دفع العوض الذي وافقه عليه وان كان خليفة الامام ووافقه على عوض فاسد بطل المسمى وله أجرة المثل ومنع الشافعي من ذلك كله وأبطل الصلح قال فان دخلوا إلى الموضع الذي صالحهم عليه لم يرد العوض لأنه حصل لهم ما صالحهم عليه فإنما أوجب ما صالحهم عليه لأنه لا يمكنهم الرجوع إلى العوض المثل فلزمهم المسمى وان كان الصلح فاسدا ولو دخلوا إلى بعض ما صالحهم على دخوله أخرجهم وكان عليهم العوض بقدره. اخر: لو صالح الامام الرجل والمراة على الدخول إلى الحجاز بعوض جاز لان المراة كالرجل في المنع ولو صالح المراة على سكنى دار الاسلام غير الحجاز بعوض لم يلزمها ذلك لان لها المقام فيها بغير عوض بخلاف الحجاز. مسألة: المساجد على ثلاثة أقسام المسجد الحرام وقد وقع الاجماع على أنه لا يجوز لمشرك ذمي أو حربي دخوله لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا والثاني مساجد الحجاز غير الحرم والثالث سائر المساجد بالبلدان و حكمها واقع وقد وقع الخلاف فيه فمذهب أهل البيت عليهم السلام منعهم من الدخول فيه باذن مسلم وبغير اذنه ولا يجوز للمسلم ان يأذن في ذلك وهو إحدى الروايتين عن أحمد والرواية الأخرى يجوز لهم الدخول باذن المسلم وهو قول أكثر الجمهور لنا انه مسجد فلا يجوز لهم الدخول إليه كالحرم ولقوله عليه السلام جنبوا مساجدكم النجاسة وقد قال الله تعالى انما المشركون نجس ولان المنع كان مشهورا بين المسلمين فان ابا موسى دخل على عمر ومعه كتاب قد كتب فيه حساب عمله فقال له عمر دع الذي كتبته ليقرأه قال إنه لا يدخل المسجد قال ولم لا يدخل المسجد قال لأنه نصراني فسكت عمر وهذا اتفاق بينهم على عدم دخولهم المساجد وفيه دلالة على شهرة ذلك بينهم وتقرره عندهم وأيضا فإنهم لا ينفكون من حديث الجنابة والحيض والنفاس ولان هذه الاحداث يمنع من المقام في المسجد فحديث الشرك أولى ولأنهم ليسوا من أهل المساجد ولان منعهم من الدخول فيه اذلال ولان وقد أمرنا بذلك احتجوا بان النبي صلى الله عليه وآله انزل رقد نصف المسجد وشد تمامه من أذيال الحنفي في سارية من سواري المسجد وقدم عمر بن وهب فدخل المسجد والنبي صلى الله عليه وآله فيه لنفسك به فرزقه الله الاسلام والجواب لو سلمنا ذلك لكان في صدر الاسلام قبل قوة المسلمين. مسألة: إذا قدم قوم من المشركين إلى الامام أنزلهم في فضول منازل المسلمين وإن لم يكن لهم فضول منازل جاز ان ينزلهم في دار الضيافة ان كانت وإن لم تكن أسكنهم في أفنية الدور والطرقات ولا يمكنهم من الدخول في المساجد بحال قال ابن الجنيد لا يستحب ان يخلى بين أهل الذمة وبين الدخول في كل مكان يتساوى فيه المقيم والمسافر في اتمام الصلاة كمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وغيره قال وقد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان ينادي كل يوم لا تبيتن بالكوفة يهودي ولا نصراني ولا مجوسي الحقوا بالحيرة وزواوة. مسألة: البلد التي ينفذ فيها حكم الاسلام على أقسام ثلاثة أحدها ما انشاءه المسلمون وأحدثوه وخطوه كالبصرة و بغداد والكوفة فلا يجوز احداث كنيسة فيها ولا بيعة ولا بيت لصلاتهم ولا صومعة راهب بلا خلاف لما روى عن ابن عباس أنه قال اما مصر مصره العرب فليس لاحدى أهل الذمة ان يبني فيه بيعة وما كان قبل ذلك فحق على المسلمين ان يقر لهم في حديث اخر أيما مصر مصر به النبي صلى الله عليه وآله فليس للعجم ان يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا به خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا ولان هذا البلد للمسلمين وهو ملك لهم فلا يجوز لهم ان يبنوا فيه مجامع الكفر فاما ما وجد من البيع والكنايس في هذه البلاد مثل كنيسة الروم في بغداد فإنها كانت من قبل لأهل الملة فأقرت على حالها الثاني يجوز اقرارهم عليها ولا يهدم لقول ابن عباس أيما مصر مصرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوه فان للعجم ما في عهدهم ولان الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئا من الكنايس وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله أن لا يهدموا بيعة ولا كنيسة ولا بيت نار ولحصول الاجماع عليه فإنها موجودة في بلاد المسلمين من غير تكبر الثالث ما فتح صلحا وهو
(٩٧٢)